الجمعة - 20 أيلول 2024
close menu

إعلان

من ظلام فلسطين إلى ظلم لبنان

المصدر: "النهار"
داود الصايغ
داود الصايغ
Bookmark
بريشة أرمان حمصي.
بريشة أرمان حمصي.
A+ A-
قبل فترة قصيرة من وفاته في خريف 1964 وجّه الرئيس الاستقلالي الأول بشارة الخوري بعد سنواتٍ من اعتزاله، كلمةً إذاعية إلى فلسطين قال فيها: "فلسطين يا غائبة الشمسين، شغل الماضي ومرارة الحاضر، ما مررتِ بخاطر عربي علا شأنه إلا وقرع الصدر ندماً على ما فات وقال لا فيك عزاءً ولا عنك استغناءً. عذرنا لديك يا غائبة الشمسين وعدٌ بمأوى المشردين وفي القلب غصة...". كان الرئيس بشارة الخوري عرف فلسطين وعرف مدينة حيفا أثناء رئاسته، وقبل أن يصدر قرار التقسيم وتندلع الحرب العربية – الإسرائيلية الأولى، ويستقبل لبنان في ظروفٍ لا تزال حتى اليوم موضع تساؤل تاريخي عن الأعداد الأولى ممن أُطلِق عليهم لقب اللاجئين الفلسطينيين.لم يعش الرئيس بشارة الخوري ليشهد المآسي بعد ذلك، والتي ارتبطت بأعمال الفدائيين الفلسطينيين، وقيام المظليين الإسرائيليين في آخر سنة 1968 بتدمير ثلاث عشرة طائرة من أسطول "طيران الشرق الأوسط"، ثم توالي الاصطدامات بين الفدائيين والقوى اللبنانية واستقالة حكومة الرئيس رشيد كرامي لمدة سبعة أشهر إلى حين توقيع "اتفاق القاهرة" في تشرين الثاني من العام نفسه. وهكذا كان لبنان الدولة العربية الوحيدة الذي هزّته قضية فلسطين، وهددت مصيره وسيادته واستقلاله ولا تزال. "اتفاق القاهرة" هذا شرّع عمل المقاومة الفلسطينية من جنوب لبنان، ليتبيّن مدى الكوارث التي لحقت بلبنان منذ ذلك الحين، بعد تمكّن نظام الملك حسين إثر مواجهات أيلول 1970 من إخراج المقاومة الفلسطينية من الأردن ودفعها للانتقال بكامل عديدها وعتادها إلى لبنان بتسهيلٍ من نظام الحكم السوري يومذاك استناداً إلى "اتفاق القاهرة". ثم إلى اتفاقية "ملكارت" عام 1973 نسبة إلى الفندق القائم في محلة الرملة البيضاء بعد أول مواجهة بين الجيش اللبناني والمقاومة الفلسطينية، ثم إلى اندلاع الحروب بعد ذلك عام 1975، وإلى حدّ تأليف قوات الردع العربية وانخراط سوريا فيها ثم سيطرة وصاية النظام السوري إلى حين خروج الجيش السوري في نيسان 2005 إثر استشهاد الرئيس رفيق الحريري.دفع لبنان أفدح الأثمان العربية في سبيل تلك القضية – وهي قضية عادلة – التي سارع العديد من العرب إلى التحرر منها وتطبيع العلاقة مع "العدو الصهيوني" السابق. وكُتب على لبنان، لعوامل عديدة ليس أقلّها تقصير المسؤولين اللبنانيين، نقل جنوبه من الوجود الفلسطيني...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم