لم أكن أتوقع يوماً ان أكتب عن ميا خليفة الا من باب الهجاء ربما، لذا كنت أفضل عدم تناولها بقدح وذم، ولا بمديح أكيد. هي حرة في ما تقوم به وما تفعل. وأنا حر في رأيي الذي لا يهمها أصلاً. لكن أن لا تتحمل مجلة "بلاي بوي" الإباحية تضامن خليفة مع الفلسطينيين في حقهم المشروع، في الدفاع عن أرضهم ووطنهم وحياتهم المسلوبة، لأمر يستحق الإشادة بها، إذ لا يمنع أن يكون لصاحبة الحياة الصاخبة، رأي حر في قضية محقة.
فقد ذكر موقع Bussiness Today المختص بالوظائف والأعمال بأن ميا خليفة فصلت من عملها بسبب تغريدة على حسابها في موقع X، تويتر سابقاً، وصفت فيها الفلسطينيين بـ"المقاتلين من أجل الحرية" الأمر الذي أثار وابلاً من الانتقادات. وقامت مجلة Play boy التي عملت فيها خليفة، بإبلاغ مشتركيها في رسالة إلكترونية بطرد المذكورة وحذف قناتها على منصتهم.
وكتب الصحافي تود شابيرو، الذي يدير برنامجه الخاص على التلفزيون الكندي، أنه أيضاً أنهى عقده مع خليفة وحضها على "التطور وأن تصبح أفضل". واللافت أن خليفة لم تتراجع عن موقفها، بل ردت مغردة "أود أن أقول أن دعم فلسطين كلفني فرص العمل في البزنس، لكني غاضبة جداً من نفسي، لأنني لم أتحقق مسبقاً من أنني كنت أتعامل مع الصهاينة".
وقد تفاعل القرّاء مع خليفة، سواء عبر شن حملات عليها، أو عبر التضامن معها، في ما يثير مجدداً الحق في إبداء الرأي، وحرية التعبير، الذي يخصص الغرب موازنات مالية سنوية من أجل تدريب شعوب العالم الثالث عليه، فيما يسقط هذا الحق لديه عند أول استحقاق جدي.
من حق خليفة، أن تتضامن مع الفلسطينيين، أو أن ترفض هجوم حماس، ومن حقها، ربما، لو أرادت، أن ترفض قتل المدنيين الإسرائيليين، هذا رأيها، وهذه إرادتها، وقد اختارت أن تعبّر عن قناعتها، بدعمها الفلسطينيين أصحاب الحق، في فلسطين طبعاً، وليس في أي مكان آخر كلبنان مثلاً.
يتعامل بعض الغرب مع الأحداث بمعيارين ومكيالين. فهل يُدان من يعبّر عن تضامنه مع إسرائيل، ويتضامن مع الإسرائيليين، ويعتبر الفلسطينيين، وعموم العرب، إرهابيين، في حكم جماعي مسبق غير قابل للطعن؟ بالتأكيد لا. لكأن الغرب يعيش عقدة النقص المستمرة تجاه اليهود الذين اضطهدتهم أوروبا، لا العرب، قبل أن تسلب بعض العرب حقهم، وتمنحه هدية لإسرائيل.
هنيئاً لميا خليفة على جرأتها لأن الجرأة مكلفة، ونادراً ما يجرؤ كثيرون عندما يتعلّق الأمر بمصالحهم المالية والتجارية، بل يجرؤون عادة على إطلاق المواقف الموصوفة بالجريئة لقاء ثمن مدفوع سلفا.