داود الصايغ في "لبنان المتمرد": نور على جبين لبنان

بين افتتاحياته في "النهار" ونبْضه اللبناني، صلةُ قُربى في بث الوفاء.ووفاؤُه صارخٌ وسائغ معًا: ذو قُدرة على الكتابة بالسوط أَو بالعقل، فيُبقي نصَّه نابضًا بين النار والزنبق. هذا رجلٌ مسكونٌ لا بلبنان الواقع بل بلبنانه هو، لبنان الحقيقة التاريخية والحضارية، لبنان الطالع من جذور الأَمس الـمُشْرق ناهدًا إِلى الغد الذي يُشبه إِشراقَهُ، فلا عجَب أَن يُلقي في وجه اليوضاسيين غضبَه الحارق.في ستة كتبه السابقة (بين 2000 و2020) عنوان مشترك دائم: "لبنان". ويا طيب هذا الـمشترَك ينادي بما سوى لبنان اللبناني. وهوذا سابعُهُ اليوم "لبنان المتمرِّد" (عن "دار سائر الـمَشرق") لا يَحيد عن ذاك الـمُشتَرَكَ، فيَشْهَر قلمه ساخطًا على مَن يريدون، عمْدًا أَو عمالةً، أَن يمسُّوا هوية لبنان. هي ذي ضُمَّةٌ من افتتاحياته في "النهار"، بين 2017 و2023، تعكس منذ عناوينها مرآةَ ما تحمل من غضب: "التأْهيل للوطن لا للكراسي"، "لا حقيقة تظهر قبل أَن ينجلي وجهُ لبنان"، "لبنان الكبير حتى لا يَصغُر"، "يَسقطون هُم ولا يسقط لبنان"، "زمنُ خلْع الأَبواب المغلقة"، "دعوا الدساتير جانبًا، فالركام في مكان آخر"، "إِنهم كتَبُوا العهود بالماء"، "من ظلام فلسطين إِلى ظُلْم لبنان"، ...في افتتاحيته "العدالة المتمرِّدة على الرُكام" ("نهار" 18 تشرين الأَول 2021) جاء: "لم يُسَيَّج لبنان ولم يَهْدأْ منذ سنوات. والفساد فيه ليس لصيقًا بنظام الحُكْم بل أَفرزه فاسدون نهِمون إِلى السُلطة والمال. لكنَّ في البيوت اللبنانية نفوسًا ستلفظ الأَجسام الدخيلة وتستعيدُ لنا لبنان".مباركٌ هذا الإِيمانُ يتوزَّع على المؤْمنين أَرغفَة بَرَكَة تحميهم من اليأْس، وتُغذِّيهم بجرعات رجاء لا ينكسر، من قلم لا ينكسر، يحمله لبناني كبير لا تلويه صدمات عابرة، قاسية لكنها عابرة مهما طغَت، وسيعود إِلى حقيقته لبنانُ، لبنانُنا، لبنانُ اللبنانيّ!داود الصايغ، في كتابه الجديد، رسولٌ يأْتي من الغد الـمُشْرق لينهَر الضعفاء أَن يرتقوا إِلى القوّة. ولبنان قويٌّ بالمؤْمنين في هيكله المقدَّس المكرَّس بأَرزه المقدَّس.وهوذا أَدناه، في...