الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

الصبر الاستراتيجي

المصدر: "النهار"
رشيد درباس
رشيد درباس
Bookmark
فلسطينيون في دير البلح. (أ ف ب)
فلسطينيون في دير البلح. (أ ف ب)
A+ A-
أُطاعِنُ خَيْلاً مِنْ فَوارِسِها الدَّهْرُوَحيداً وَما قَولي كَذا وَمَعي الصَّبْرُالمتنبي في نهاية شهر أيلول من العام 1938، وقّع رئيس وزراء بريطانيا "نيفيل تشامبرلين"، ورئيس وزراء فرنسا "إدوار دالادييه" في ميونيخ تنازلات لأدولف هتلر أقرَّا له فيها احتلاله أراضي (السوديت) في تشيكيا، ظنًّا منهما أنهما بهذا يتلافيان اندلاع الحرب ويسكتان الشهيّة النازية، فإذا بالعالم يصحو بعد ذلك على غزو تشيكوسلوفاكيا فبولندا بالتواطؤ مع "جوزف ستالين" الذي ناله نصيب من الأرض البولندية متوهمًا بذلك أنه أمن شرَّ هتلر. استقال "تشامبرلين" من رئاسة الحكومة، وتولى بعده "ونستون تشرشل" الذي رفض محاولات وزير الخارجية "اللورد هاليفكس" التوسطَ مع "هتلر"، من خلال "موسوليني"، فوقف في مجلس العموم وباغت الحضور بأنه ذاهب إلى الحرب، طالبًا من البريطانيين التحلّي بالصبر الاستراتيجي ومصارحاً إياهم بأنه لا يستطيع أن يعدهم إلا بالدمار والدموع والدم والجوع، ثمَّ شفع ذلك بالتأكيد على النصر الباهظ الثمن. تطوَّع في الجيش مَن تطوع، وانخرط العمال والمهندسون في تشغيل المصانع لإنتاج الأسلحة، وانصرف الفلاحون إلى مكابدةِ الأرضِ لتأمين الحد الأدنى من أسباب العيش، فيما حافظت المؤسسات البريطانية، ولا سيما المرفق القضائي، على انتظام أدائها الجيد.الأمر ذاته حدث مع "ستالين" الذي فوجئ بعملية (بربروسا) عندما اجتاح الجيش النازي الأراضي السوفياتية ووصل إلى مشارف موسكو. حينذاك، أكد له "جوكوف" قائد جيوشه أن الغزاةَ سيُهزَمون، فجرت تعبئة الشعوب السوفياتية، وراحت المعامل الحربية تضخ الدبابات إلى ساحات المعارك بوتيرة مدهشة، فكانت نتيجة الحرب العالمية الثانية في المملكة المتحدة والاتحاد السوفياتي كما تعلمون. هذان مثلان من التاريخ القريب عن مقدرة الشعوب على الصمود في وجه آلة عسكرية متوحشة، تحركها الأطماع وتشحنها الأفكار العنصرية والاستعلاء...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم