الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

معرضٌ لافت لمنار علي حسن في "جانين ربيز" يمثّل تعاسة اللبنانيّين عطبُ الجسد نصبًا تذكاريًّا يتداوى بالدرجة صفر من دواء اللاحياة

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
Bookmark
هشاشة الكائن، كيف نداويها؟
هشاشة الكائن، كيف نداويها؟
A+ A-
تخيّلوا شخصًا، رجلًا أو امرأةً، وقد تحوّل، من فرط ما يتلقّى من علاجات ومسكّنات، وما يعانيه من أوجاعٍ وأمراض تفتك بجهازه العصبيّ وأليافه وعضلاته وعظامه وأنسجته، إلى كائنٍ مصنوعٍ من علب دواء، أو هو تحوّل إلى روبوت – صنم، مدجّج بالحبوب والعقاقير والحناجير والكبسولات واللقاحات والمضادّات الحيويّة، يمشي بين الناس، ويعيش في ظهرانيهم، ويتعايش مع الحياة، ويتحمّلها كما لو كانت عقابًا إلهيًّا.ما أدعوكم إلى تخيّله، ليس افتراضًا ذهنيًّا، أو تجريبًا اختباريًّا، بل محض حقيقة. هي حقيقة ما يصيب الجسد جرّاء التهاب العضلات الليفيّة، وهو مرضٌ يطلق عليه الطبّ تسمية "الفايبرومايالوجيا"، وتتجسّد نتائجه ومترتّباته بما يخلّفه في جسم الشخص المصاب من تآكلات ومآلات (تشييئيّة)، جعلتها الفنّانة منار علي حسن، تجهيزًا تشكيليًّا، ضمن معرضٍ يروي حكايات الجسد الموجوع المتألّم، تقيمه لها "غاليري جانين ربيز". أمام هذا التجهيز خصوصًا (متران و15 سم ارتفاعًا)، وأمام المعرض برمّته، لا يعود الزائر المُشاهد المتفحّص الرائي يعاين كائنًا معلومًا، شخصًا حسّيًّا، أو حياةً ما. بل يرى فحسب - ولا شيء، ولا أحد سوى ذلك - نصبًا تذكريًّا تذكاريًّا لحياةٍ ما، لحياةٍ سابقةٍ أعني، مرّت من هنا، وأقامت هنا، ثمّ اندثرت إلى حدٍّ مفجع، أي بدون أنْ تندثر، إذ بقي ثمّة ما يدلّ على أنّها كانت موجودة، في المكان والزمان، لكنّها امتنعت عن الاستمرار اللائق والكريم، بسبب قوّةٍ قاهرةٍ لا تُرَدّ، هي قوّة الوجع المريض، وجبروته، وصلفه المتوحّش. بدليل أنّ "مادّة" الجسد، وهي البرهان، تتغيّب،...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم