النهار

الابتسامات في الصُوَر... هل هيَ حقيقيّة؟
صورة تعبيرية.
A+   A-
لماذا نبتسم كلّما أردنا أن نقف أمام الكاميرا ونتصوّر؟ سؤالٌ غريب لكنّه واقعي. إذا نظرتَ إلى ألف صورةٍ منشورة على الفايسبوك أو الإنستاغرام أو غيرهما من وسائل التواصل الإجتماعي، تجد أنّ كلّ الوجوه تقريباً الّتي تظهر في هذه الصُوَر وجوهٌ مبتسمة.

لمَ نقوم بذلك؟ ألأنّنا سعداء وصورتنا تعكس سعادتَنا؟ أم نفعل ذلك لأنّنا نُريد أن نظهر بمظهرٍ جميل والبسمة تجعل الوجوه أكثر جمالاً؟ هل الصورة المُبتسِمَة لكي تساعدني أن أكون مقبولاً لدى أرباب العمل بشكلٍ أفضل، إذ أوحي لهم بأنّني مبادرٌ ومنفتح ومؤثِّر؟ هل نبتسم للكاميرا لأنّنا نُريد أن نُخبرَ أحداً ما هناك بأنّ ترْكَه لنا "آخر همنا"؟ أم نبتسم لكي نُطمئنَ والداً أو والدةً إلى أنّ زواجنا جيّد وأنّ علاقتَنا بالشريك رائعة ولا داعي لقلقهما بسبب مشاحنةٍ حصلت أمامهما في الأسبوع الذي سبقَ الصورة؟ هل الصورة مع ابتسامةٍ للزوج أو الزوجة أو كليهما لكي نقول لكلِّ الناس أو لشخصٍ معيّنٍ "إنّك لا تستطيع أن تقترب منّي أكثر لأنّني مرتبطٌ بشريكٍ أُحبّه ولا يمكنك خرق ارتباطنا"؟ أو الصورة مع ابتسامة إلى جانب شريكٍ لكي أُغطّي على تعثّرٍ في الزواج يشعر به بعض الناس وذلك بهدف منعِ الشكوك حولي"؟ هل الصورة التي تظهر فيها ابتسامةٌ عريضةٌ مع الشريك هي للتغطية على علاقةٍ خارج البيت، فأوحي للشريك ولكلّ من تصلُه الصورة بأنّني ملتزمٌ وفرِحٌ بشريكي؟ وهل يمكن أن تكون ابتسامتي فعلَ إرادةٍ إيجابيّاً نحو الحياة على الرغم من صعوباتها الجمّة، وإنّني أُظهرها لكي أُقنع دماغي بأنّني سعيدٌ وسأبقى سعيداً على الرغم من كلِّ ما يمنع الفرح عنّي في هذا البلد المُعذّب؟

أسئلة كثيرة وشائكة. من يدري ما هي إجابتها الحقيقيّة والصادقة! الابتسامة أمام الكاميرا، مثلها مثل الكثير من الأمور التي نفعلها أو نقولها أو نوحي بها، لا يُدرك الآخر، كائناً من كان، معناها الحقيقيّ. حتّى نحن، أصحاب الصورة والابتسامة أيضاً لا نُدرك بالضبط، وفي مرّات كثيرة، لماذا ابتسمنا ولماذا لم نبتسم، وأمام من أصرَرْنا على الابتسام، وماذا أردنا أن نقول، وماذا رغِبنا في أن نخفي. وحدَه لاوعينا يعرف كلّ القصّة. لكنّه من القوّة بمكان أنّه قادرٌ على إخفاء الحقيقة حتّى عن وعينا. قال لي صديقي مرّةً باللغة الإنكليزيّة Our Subconscious is a Beast أي أنّ اللاوعي عندنا كنايةٌ عن وحش. لا أُريد أن أُصدّق كلّ ما عناه. أكتفي بتصديق نصفه.

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium