النهار

هل أخطأ الحزب بـ"الرد المدروس" بعد تهويل و"حماس" برفض الهدنة؟
سابين عويس
المصدر: "النهار"
فيما كان "حزب الله" يوجه ضربته "المدروسة" على أهداف إسرائيلية رداً على عملية اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر في عقر الحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت، كانت حركة "حماس" تعلن رفضها للاتفاق الذي تم التوصل إليه في آخر جولة من المفاوضات انعقدت في القاهرة، والقاضي بوقف لإطلاق النار لمدة ٤٥ يوماً.
هل أخطأ الحزب بـ"الرد المدروس" بعد تهويل و"حماس" برفض الهدنة؟
طائرة بدون طيار تابعة لحزب الله اعترضتها القوات الجوية الإسرائيلية فوق شمال إسرائيل في 25 آب، 2024 - "أ ف ب".
A+   A-
فيما كان "حزب الله" يوجه ضربته "المدروسة" على أهداف إسرائيلية رداً على عملية اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر في عقر الحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت، كانت حركة "حماس" تعلن رفضها للاتفاق الذي تم التوصل إليه في آخر جولة من المفاوضات انعقدت في القاهرة، والقاضي بوقف لإطلاق النار لمدة ٤٥ يوماً.

مهما تكن الحيثيات التي دفعت الذراعين الأبرز في محور الممانعة إلى اتخاذ مثل هذه القرارات، فهي عكست وفق قراءات ديبلوماسية عربية تشتتاً لهذا المحور لجهة الإمساك بقرار ربط مساري غزة بجبهة الجنوب، فيما قرأت الأوساط الديبلوماسية المشار إليها في المسارين نتيجة واحدة صبت في مصلحة الجانب الإسرائيلي قصداً أو عن غير قصد. وتشرح خلاصة قراءتها بالقول إن "حزب الله" الذي كان قد رفع منذ اغتيال شكر سقف نبرته الهجومية متوعداً برد مزلزل، ترافق مع حالة تأهب قصوى وضعت البلاد برمتها أمام مخاطر اندلاع حرب أوسع، يمكن أن تمتد إلى الإقليم، انتهى إلى رد محسوب النتائج يسحب صاعق التفجير ويعيد اللعبة إلى قواعدها التقليدية، أي اشتباكات ضمن أهداف عسكرية لا تطال المدنيين أو المرافق الحيوية، على غرار ما التزمت به إسرائيل منذ بدء جبهة المشاغلة الجنوبية، وإن كانت استثناءاتها الكثيرة في هذا المجال شملت عمليات اغتيال استهدفت الكوادر القيادية والعليا للحزب. وهو الوضع الذي ينذر باستمرار حالة الاستنزاف القائمة منذ الثامن من تشرين الأول الماضي، مع ما يرتبه ذلك على الساحة الداخلية المهترئة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. أما على المحور الفلسطيني، فقد صب رفض "حماس" لهدنة الـ٤٥ يوماً في مصلحة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الرافض لأي وقف للنار والهادف إلى استدراج القوى الدولية النافذة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية إلى تنفيذ أجندته، والعمل على التملص من كل الضغوط التي مارستها واشنطن في الأسابيع الماضية لمنع اندلاع الحرب.

وفي استعادة الأوساط الديبلوماسية العربية العليمة لمسار الأمور منذ تفجر طوفان الأقصى وما رافق العملية من فتح جبهات إسناد ومشاغلة أهمها الجبهة الشمالية لإسرائيل على الحدود اللبنانية، وتقييم لحسابات الربح والخسارة لأفرقاء الصراع، فإن ما بعد رد الحزب لن يكون كما قبله، ليس لدى القواعد الحزبية والشعبية للمحور الذي ينتمي إليه حتماً والمؤمن بغالبيته بهذا المسار رغم التضحيات الضخمة التي قدمها، بل عربياً ودولياً، حيث بيّنت ردود الفعل التي توردها تقارير ديبلوماسية شكوكاً بدأت تُطرح حيال الدور المقاوم والممانع في وجه إسرائيل كقوة ردع ترسي توازناً، ويمكن الاعتماد عليه من أجل تحسين وتعزيز فرص إرساء السلام والذهاب
إلى حل جذري ونهائي للقضية الفلسطينية، خصوصاً بعدما لجأت دول عربية إلى خيار التطبيع السلمي، مقابل تزايد شعبية نتنياهو وفق استفتاءات الرأي وتبني غالبية كبرى داخل إسرائيل لما قام ويقوم به، بعدما كان يُفترض بالمجازر والإبادة الجماعية التي نفذها ولا يزال في غزة أن تودي به إلى كرسي الإعدام!

إلى أين تقود هذه القراءة إن كانت فعلاً وجدت طريقها داخل العالم العربي والغربي، وأين تقف واشنطن، التي انخرطت في شكل غير مسبوق في عملية الضغط على إسرائيل لمنع الانزلاق إلى الحرب؟

لا تجد الأوساط الديبلوماسية عينها جواباً عن هذين السؤالين إلا بالقول إن عملية طوفان الأقصى والتطورات والنتائج التي خلصت إليها، زادت من ضعف الورقة التفاوضية على الحل النهائي والعادل للقضية الفلسطينية، ومنحت نتنياهو المزيد من أوراق الضغط للاستمرار في اعتداءاته خصوصاً إذا تكشف في المقبل من الأيام أن رد الحزب أصاب فيه مقتلاً باستهدافٍ موجع يحرص نتنياهو على التكتم عليه. وترى الأوساط أن العملية الأخيرة ستفرض معادلة جديدة على مستوى المنطقة اختلّ فيها ميزان القوى أو الردع، خصوصاً بعدما بات واضحاً حسم واشنطن خيارها بالوقوف إلى جانب إسرائيل واستعدادها لخوض معاركها.

حتى اليوم، أدّت واشنطن دوراً ضاغطاً لمنع الحرب أو على الأقل لفرملة اندفاعتها. ولكن ماذا لو قررت التراجع عن هذا الضغط وسحبت يدها من المسار التفاوضي بين حماس وإسرائيل؟
ألم يكن الأجدى بالحركة القبول بالهدنة المقترحة وسحب هذه الورقة من يد إسرائيل، خصوصاً أن مهلة الـ٤٥ يوماً كانت كافية لإبعاد واشنطن عن المشهد الإقليمي مع دخولها مرحلة حاسمة من انتخاباتها الرئاسية؟ تختم الأوساط.

[email protected]


الكلمات الدالة

الأكثر قراءة

سياسة 11/23/2024 7:37:00 AM
أعلن برنامج "مكافآت من أجل العدالة" عن مكافأة تصل إلى 7 ملايين دولار أميركي مقابل الإدلاء بمعلومات عن طلال حمية المعروف أيضاً باسم عصمت ميزاراني
سياسة 11/23/2024 9:48:00 AM
إسرائيل هاجمت فجر اليوم في بيروت مبنى كان يتواجد فيه رئيس قسم العمليات في "حزب الله"، محمد حيدر

اقرأ في النهار Premium