الجرائم المالية مثلّثة الأضلاع

الإجراءات القضائية بحق حاكم مصرف لبنان السابق تنتظر تأكيدها أو نفيها في ختام التحقيقات الجارية بإشراف النيابة العامّة التمييزية. لكن الثابت، مهما كانت الحقيقة، أن الاتّهامات التي يحقق فيها القضاء ليست إدانة لشخص واحد، بل هي إدانة لكل النظام المالي في عهد الجمهورية الثانية، التي وُلدت سنة 1992.هي ليست مجرد إثبات على الفوضى وفقدان الرؤية وتخبّط السياسات المالية والنقدية في ظل حكومات الطائف، بل هي إدانة لأخلاق الجمهورية الثانية برمّتها، حيث بات سوء الأمانة والسطو على المال العام والخاص مباحاً ومجازاً ومحمياً في ظل القيم السياسية التي سادت بعد الحرب الأهلية.التحقيقات المشار إليها محصورة، حتى الآن، بملفات محدّدة ومحدودة باتت تُعرف بحسابات الاستشارات والعمولات. وإذا اقتصرت التحقيقات على هذه المواضيع وحدها فمن المستحيل أن تشكّل مدخلاً إلى فهم كل الجرائم المالية غير المسبوقة التي تعرّض لها لبنان أو أن تكون بداية الإصلاح الموهوم وسبيلاً لإعادة الودائع إلى أصحابها.الجرائم المالية...