بكرا السحب

من الاشياء القليلة التي أخذناها عن الفرنسيين، "قصر العدل"، وفي إمكانك العثور على هذا القصر، المجاور لـ "قصر الصنوبر"، بقراءة اللافتة على مدخله الخلفي. وهي مكتوبة بخطّ صدئ، جردت ألوانه من كثرة الإهمال. ويشبه المدخل والمكان والمناخ ودوائر القانون فيه، مناخ المستنقعات في بلاد الملايو قبل الاستقلال.بُني قصر العدل في باريس على مراحل مثل "اللوفر". وصُنعت بعض حدائد بواباته العالية من الذهب، ويجدّد الطلاء كل عام، لكي لا يبهت لمعان القانون وسمعة العدالة. والعدالة ليست طبعاً في الطلاء، لكنها لا يمكن أن تكون بالصدأ والإهمال، وجعل مدخل "القصر" مثل مداخل المقتضيات العامة.الذين لا تأخذهم طريقهم من أمام مدخل قصر العدل، يمكنهم رؤيته يومياً في نشرات الأخبار. يتغير كل يوم المتظاهرون، والشكاة، والحزانى، واليائسون، ويزداد الصدأ وتنكمش صورة العدالة، حتى وقد سلطت عليها كل أضواء العالم. لكن أضواء العالم ليست هنا احتفالاً بمجاري القانون، بل للشفقة عليه: إن كان هذا قصره، فكيف يكون مخفره؟قبل أن ندخل العصر التقني وحظوظ...