ساعات قليلة تفصل عن موعد إطلالة الأمين العام لـ"حزب الله"، السيد حسن نصرالله، التي سيُعلن فيها موقف حزبه من الهجمات السيبرانية، التي استهدفت الحزب في مناطق نفوذه وبيئته، وذلك بعد مضي يومين من الاعتصام بالصّمت، ممّا يُكسب هذه الإطلالة أهميتها، لما ستحمله من إشارات ترسم خيارات الحزب وخريطة الطريق التي سيسلكها في ردّه على تلك الهجومات.
لا يملك نصرالله خيارات كثيرة، بعدما ضاق هامش المناورة لديه. فبقدر ما سعى إلى تجنّب الانزلاق إلى حرب موسّعة تستدرجه إليها إسرائيل، حاصراً عملياته ضمن قواعد اشتباك محدّدة، تحت شعار حرب الإسناد والمشاغلة التي أطلقها غداة اندلاع طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، بات الوقت عامل ضغط على الحزب، الذي فقد جزءاً مهمّاً من عناصر قوته السياسية قبل العسكرية، مع استهداف إسرائيل قيادات وكوادر حزبية عالية، ودخول المواجهات في حالة استنزاف طويلة، كما وصفتها أوساط الحزب أساساً.
المؤكّد أن العودة إلى الوراء باتت مستحيلة، وأن وقفاً للنار في غزة، من شأنه أن يعطي الفرصة للطرفين للنزول عن شجرة الانفجار الأكبر، لا يبدو متاحاً، وقد عبّرت عن ذلك بوضوح واشنطن، التي تقود بشكل ضاغط وكثيف المفاوضات بين الجانب الإسرائيلي وحركة "حماس"، فيما جاءت العملية الأخيرة للحزب ضد موقع للجيش الإسرائيلي، معطوفة على استمرار حدّة الاشتباكات على الحدود، لتؤكّد أن الجانبين ليسا في وارد التوقف أو التقاط الأنفاس، مما يجعل البلاد مفتوحة على كل الاحتمالات، بما فيها الانزلاق نحو توسّع الحرب، بالرّغم من كلّ التطمينات والمؤشّرات والضغوط الدولية التي تقول عكس ذلك. لكن المؤكّد أيضاً، وفق المعطيات المتوافرة، أن الحزب الذي سيردّ حتماً في القابل من الأيام، وسيرفع حدة خطابه بهذا المعنى، لن يخرج عن السقوف القائمة، ولن يرضخ للاستدراج الإسرائيلي نحو توسيع الحرب.
يبقى القول إن الأسابيع القليلة المقبلة الفاصلة عن موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية ستكون حاسمة، بعدما منحت فيها واشنطن الضوء الأخير لإسرائيل لإكمال مهمتها!