النهار

ذكريات هوليووديّة مجهولة في معرض "Regeneration": متحف الأوسكار يحتفي بـ"الأفلام العرقيّة"
المصدر: "أ ف ب"
ذكريات هوليووديّة مجهولة في معرض "Regeneration": متحف الأوسكار يحتفي بـ"الأفلام العرقيّة"
جانب من معرض "ريدجينيريشن: بلاك سينما 1898-1971" في متحف الأوسكار، لوس أنجليس (19 آب 2022 - أ ف ب).
A+   A-
طبعت أجيال من المخرجين السود السينما الأميركية قبل زمن طويل من بروز دنزل واشنطن أو سبايك لي، وكان هؤلاء رواداً أحدثوا ثورة في عالم السابع، وساهموا في التصدّي للصور النمطية السائدة، وفق ما يبيّنه معرض يُفتتح اليوم في متحف الأوسكار - لوس أنجليس.
 
يُسلّط معرض "ريدجينيريشن: بلاك سينما 1898-1971" (Regeneration: Black Cinema 1898–1971) الضوء على اللحظات المهمّة في التاريخ غير المعروف بالقدر الكافي للسينما الأميركية السوداء، ولا سيما المئات من الأفلام الروائية المستقلة التي أنجِزَت حتى ستينات القرن العشرين بمشاركة ممثلين أميركيين سود.
 
كانت تُطلق على هذه الأعمال تسمية "الأفلام العرقية"، وكانت تتوجّه إلى جمهور من الأميركيين ذوي الأصول الأفريقية، في حقبة شهدت تطبيق الفصل العنصري في صالات السينما.
 
يبدأ المعرض الذي يُبرز أعمالاً تجاهلتها إلى حدّ كبير استوديوهات هوليوود الكبرى والجمهور في تلك الحقبة، بِبَكرة فيلم أُعيد اكتشافها أخيراً تعود إلى عام 1898 وتُظهر اثنين من ممثلي الفودفيل السود يتعانقان.
 
وقالت المخرجة آفا دوفيرناي في مؤتمر صحافي: "هل أنتم مستعدّون لسماع هذا السرّ؟ نحن السود كنّا حاضرين دائماً في السينما الأميركية منذ البداية".
 
وأضافت: "كنّا حاضرين لا كشخصيات كاريكاتورية أو كصور نمطية بل كمخرجين ومنتجين ورواد ومشاهدين متحمسين (...) وكان يجب أن نُظهر ذلك قبل اليوم بكثير".
 
يُشكّل "ريدجينيريشن" ثاني معرض موقّت كبير تقيمه أكاديمية فنون السينما وعلومها المنظّمة لجوائز الأوسكار، والتي تعرّضت لانتقادات كثيرة في السنوات الأخيرة بسبب "افتقارها إلى التنوّع".
 
ومن بين المعروضات، تمثال الأوسكار الذي ناله سيدني بواتييه في فئة أفضل ممثل عام 1964 عن "ليليز أوف ذي فيلد"، وكان يومها أول أميركي من أصل أفريقي يفوز بالجائزة السينمائية المرموقة، وأحذية النقر التي كان يستخدمها الثنائي الراقص تيكولاس براذرز، أو حتى الزي الذي ارتداه سامي ديفيس جونيور في فيلم "بورغي أند بِس".
 
 
"دارك مانهاتن"
قالت أمينة المعرض دوريس بيرغر لوكالة "فرانس برس": "فوجئت لأنّني لم أكن على علم بوجود هذه الأفلام الروائية قبل البدء بالتحضير" عام 2016 للمعرض الاستعادي واستكشاف أرشيف الأكاديمية.
 
وأضافت: "سألت نفسي: لماذا لا نعرف شيئاً عن هذا الموضوع؟ يجب أن نعرف به!". ورأت أنّها "أفلام جذابة حقاً وتُظهر أنّ الفنانين الأميركيين من أصل أفريقي كانوا يتولون كلّ أنواع الأدوار وكان يوجد الكثير من القصص المختلفة".
 
وبات في إمكان الجمهور الاطّلاع على مشاهد رُمِمَت بعناية من أعمال على غرار فيلم الوسترن الغنائي "هارلم أون ذي بريري" وفيلم الرعب الكوميدي "مستر واشنطن غوز تو تاون" وفيلم العصابات الروائي "دارك مانهاتن" وسواها.
 
لكنّ الكثير من "الأفلام العرقية" الأخرى التي لم يبقَ منها سوى ملصقاتها الترويجية ضاعت إلى الأبد.
 
ولاحظت دوريس بيرغر أنّ هذا النوع من الأفلام المستقلة كان يسند إلى الممثلين أدوار "محامين وأطباء وممرضات و رعاة بقر"، فيما لم تكن هوليوود تعطيهم سوى أدوار داعمة يكونون فيها مثلاً خدماً أو مربيات لدى الأسر الأميركية البيضاء الغنية.
 
ورأت في ذلك "دليلاً (على أنّ هوليوود) كان من الممكن أن تكون أكثر تنوعاً".
 
ويركّز القسم الأخير من المعرض على صعود ما يعرف بالـ"بلاكسبلوتيشن" (Blaxploitation) وهو نوع برز في السبعينات وكان يضع الممثلين الأميركيين ذوي الأصول الأفريقية في الواجهة، أطلقه المخرج الأسود ملفين فان بيبلز الذي توفي قبل أشهر قليلة من المعرض، تماماً كسيدني بواتييه.
 
 
خطوة متأخرة لكنّها مهمّة
يندرج المعرض ضمن جهود الأكاديمية لمواجهة الانتقادات التي أخذت عليها "افتقارها للتنوع"، وجسّدتها حملة "أوسكارات بيضاء جداً" التي أثارت عام 2015 ضعف حضور السود في ترشيحات الأوسكار.وضاعفت الأكاديمية بعد هذه الحملة عدد النساء وأفراد الأقليات الإثنية في صفوفها.
 
ولا تقتصر منافع "ريدجينيريشن" على تثقيف الجمهور وتمكينه من الاطلاع على "الأفلام العرقية"، بل يفاجئ ما كشف عنه المعرض كذلك بعض المخرجين السود المعاصرين.
 
وعلّق المخرج تشارلز بورنيت قائلاً: "لو كنت أعرف - عن الممثلات وكلّ ذلك - لكانت لديّ رؤية ومقاربة مختلفتان تماماً للسينما".
 
وشدّدت المخرجة آفا دوفيرناي على أنّ هذا المعرض "كان يجب أن يُقام، وهو تأخّر ليس إلاّ. إنّه عمل مهمّ وضروري". وأضافت: "إنه يسلّط الضوء على أجيال الفنانين السود الذين نتبع خطاهم".

اقرأ في النهار Premium