النهار

حالة بيكاسو خرجت عن كل مألوف في رسم الجسم الأنثوي!
روزيت فاضل
المصدر: "النهار"
حالة بيكاسو خرجت عن كل مألوف في رسم الجسم الأنثوي!
"لوحة" آنسات أفنيون"
A+   A-
المشهد هو الآتي: صوّر بيكاسو أولغا في بورتريه غير مكتمل في العام 1917، وهو منقول من صورة فوتوغرافية لها، كما في بورتريهات أخرى تعود الى العام 1923، وعمد الى تقصي الواقع في تمثيله لأولغا، بصرف النظر عن المنحى العام أو المختلف، لأسلوبه الذي مر بمراحل متعددة ومتنوعة...

"آنسات أفيون"
 
 

مقدمة مشوقة أرادها الدكتور علي العلي في بحثه عن "الأنثى نواة الفن" متحدثاً عن بيكاسو، الذي افتتن بموديله حتى إنه رسم هذه العلاقة، باعتبارها حالة.

في عمله الشهير "الرسام وموديله"، أشار إلى أنه "في هذا الصدد، قال أستاذ الفنون الجميلة ومدير برنامج فن التاريخ في كلية الثالوث الأقدس في مدينة هارتفورد مايكل فيزجرالد عن تلك اللوحة أنها تقدم الضبابية والزوغان والاضطرابات العقلية، وأما لوحة الرسام وموديله فليست فقط أهم لوحة بعد "آنسات افينيون"، بل إنها تبشر بلوحة غورنيكا، فهي الحلقة المفقودة في حياة أعظم فنان في القرن العشرين".

وشدد العلي على أنه "في الرسم موديله، تمثل المرأة الجالسة في العمل عند بيكاسو، حالة نموذجية في الفن التصويري، وهو الذي رسم الموضوع مرات عدة". وأردف: "يبدو في بعضها يتعامل بسحرية عالية، فينقل سبيته وموديله إلى الطبيعة أو يقدمه "كحكاية شبه ساحرة لقيلولة بعد غداء على العشب بعنوان "الثنائي النائم"، أو "الثيمة غير المنتظرة لآكلي البطيخ"، أو "الثيمة المعروفة المستحمة على الشاطئ...".

الاستوديو
 

ولفت العلي الى أن "بيكاسو كان يتصور الاستوديو كمكان للصراع العقلي ويتشارك فيه الفنان مع الموديل في تبادل الإبداع، ولكن القرار الأخير يعود إلى الفنان بداهة". وتابع: "لوحة الفنان والموديل تظهر لنا ذروة هذا الصراع، الذي يكشف عن الأسرار الأكثر اضطراباً لأعماق الخيال الإنساني، وفي لوحة الفنان والموديل فإن المتفرج والفنان غير منفصلين عن المخاطر، وعلامات التناحر بينهما جلية ظاهرة. وهما يخترقان ظلام الاضطرابات العقلية والهلوسة، ويتشاركان في العنف الآخذ بالسيطرة على الموديل، إن هذه الرغبة هي ليست فقط في الاعتراف بالتجرد من الإنسانية، بل الغوص في أعماق ذلك الصراع، ويعتبر من أهم منجزات بيكاسو...".

وأفرد العلي في بحثه قسماً خاصاً عن خوض بيكاسو في المسألة العلمية، بحسب الطريقة، التي تتناسب مع أسلوبه الخاص المتبادل، كما هو معروف". ورأى أنه "إذا كانت أعماله الأولى اتخذت طابعاً تمثيلياً، غير أن تعامل بيكاسو مع الموضوع الجنسي تبدل عام 1932، ليتخذ منحى سوريالياً".

وبرأيه "عمد إلى تحريف الشكل الروائي للاسطورة المينوتور، ليستخلص منها أحاسيس وانفعالات أكثر حدة".

وذكر انه "في احدى المراحل، أفرد بيكاسو حيزأً لا بأس به من اهتمامه بهذا الموضوع عبر تنفيذه رسوماً بالحبر الصيني، أو منحوتات تمثل العلاقة بين المرأة والثور، عبر مظاهر علمية، امتزجت بالعنف الجنسي الأقرب الى السادية". وأشار إلى أنه "تم تحول الأداء والأسلوب الفنيين عنده ليشهدا تحولاً جذرياً في عمله الشهير "آنسات أفينيون"، التي خرجت عن كل مألوف في رسم الجسم الأنثوي، هذا الجسم، الذي كان عند قدماء الفنانين مقدساً، لما فيه من طرازة في انحناءات خطوط الجسم وجمال الأعضاء والتناسب الإغريقي ومسحته الإلهية عندهم، كما هو ظاهر في لوحات دو لا كروا وغيره".
 

ولفت إلى أن "بيكاسو غيّر ذلك، حين رسمها، فكسر هذه القداسة والأطر القديمة ليعلن مفهوماً ومعاني جديدة للجمال في لوحة "آنسات آفنيون".
المهم، وفقاً له، أن "نقاد الفن وعلى رأسهم الناقد موريس رينال يجمع على أن لوحة "آنسات أفينيون، التي أنجزت في العام 1907 كانت ثورة في فن التصوير واستبصار جديد للواقع...".

وذكر أن "اللوحة تحتوي على مجموعة من الأشكال، التي تمثل خمس نساء رسمت بأسلوب تكعيبي غير مألوف في الساحة الباريسية في ذلك الوقت". وأضاف أن "بيكاسو ذهب بعيداً في قساوته مع الأشكال وإحالتها إلى سطوح ونقاط، وأشبعها النقاد والمؤرخون تحليلاً ونقداً وتفصيلاً، واعتبروا أن ليس لها سابقة في تاريخ الفن..".

[email protected]
Twitter:@rosettefadel





الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium