النهار

رحيل ليندا مطر الوجه الأصيل في الحركة النسائية
روزيت فاضل
المصدر: "النهار"
رحيل ليندا مطر الوجه الأصيل في الحركة النسائية
ليندا مطر.
A+   A-
طوت ليندا مطر(97 عاماً)، عميدة المناضلات اللبنانيات، برحيلها ليل أمس الخميس، مرحلة ذهبية من النضال الحقيقي من أجل الإنسان والمرأة والوطن، من دون أيّ هاجس أعمى مقنّع بطمع الوصولية أو التبعيّة، التي تكبّل مسيرة الإنسان أو توقه إلى وصولها للسدّة النيابية بأرخض الأثمان، أو حتى جذب الدعم المالي لجمعيّة هي فعلياً وسيلة "خبيثة" لإثارة انتباه الرأي العام بهدف أطماع خاصّة...

لم تشبه السيدة ليندا مطر العصامية إلا ذاتها. هي الوجه الأصيل في الحركة النسائية، الذي اهتمّ بالإنسان وكرامته، من دون أن يسلك طرقاً ملتوية اعتمدتها بعض المسؤولات عن الجمعيات في ثورة 17 تشرين لالتقاط صورهن بهدف  "البروباغندا"، أولإثارة انتباه مموّل "ما" لتجديد دعم بعض مشاريع الجمعيّة. 

غادرت السيدة ليندا مطر وواقع المرأة والإنسان في لبنان "في الحضيض". فهي لطالما كرّرت، بعد مسيرتها الشاقة جملة شهيرة، أنّه " قد آن للمرأة عندنا أن تقوم بواجباتها قبل التفكير في المطالبة بحقوقها..." 
خسر لبنان برحيل السيدة ليندا مطر أحد ضمائره الأساسيين، قالت رئيسة مؤسسة "وردة بطرس" الدكتورة ماري ناصيف الدبس لـ"النهار"... أكملت بغصّة أنها  لطالما طرحت القضايا كما هي من دون مواربة ...

ذكرت أننا "خسرنا مناضلة كبيرة، يساريّة الجذور، كانت دائماً في ساحات النضال،" مشيرة إلى أنها "لو لم تداهمها الشيخوخة لكانت في صدارة تحرّكات الشارع في هذا الزمن الصعب"...

عرفناها دائماً في حال توثّب وحركة وبناء، لاسيما من حملها راية الدفاع عن حقوق المرأة مع أعلام، على رأسهم  الراحلة الكبيرة لور مغيزل، والسيدة حسّانة الداعوق وسواهما.

بالرغم من مسيرتها المضيئة، كانت تتّسم بالتواضع الشديد، مرددة في حوار مع "النهار" أن "النجاح نسبيّ في الحياة، أي يخضع للتقويم من صاحبه، ومن محيطه، بنسب مختلفة".

شىء مهم نذكره اليوم، وهو يتكرر في كل استحقاق نيابيّ في لبنان. فقد ردّدت مطر في مقابلة مع السيدة ناديا الجردي نويهض في كتاب "نساء من بلادي"  مشهداً محفوراً في مخيّلتها. 

ذكرت أنها لا تنسى أن "العام 1950 حفل بنشاطات مجموعة من الحيّ، الذي كانت تسكن فيه من أجل انتخابات مجلس النواب،" مشيرة إلى أنها "كانت لا تنسى الرشوات العلنية، التي كانت تقدّم لشراء الأصوات، وكيف أنّ جارهم من ذوي الاحتياجات الخاصّة، وقد حمله رجلان في سيارة، بعد أن دفعوا له 25 ليرة، إلى مركز الاقتراع ليُدلي بصوته للمرشح، من دون أن يعرف ماذا كان يفعل".

ليندا مطر لم تترك الناس في الحرب، لاسيما خلال الحصار الإسرائيلي لبيروت، فشاركت في التظاهرات في الشارع ضد هذا الاجتياح، إضافة إلى أنّها كانت تجول على الناس في الملاجىء مكملة بذلك مسيرتها كمناضلة فعلية بأوجه مختلفة كما دورها في نهضة الاتحاد النسائي الديموقراطي العالمي، ودورها في تطوير جمعيّاتٍ في لبنان والعالم العربي...

فشلت ليندا مطر في دخول الندوة البرلمانية، وهذا أفضل لها، لأنها كانت علامة فارقة في الحياة العامة. بقيت مطر على حالها إنسانة قلّ نظيرها في الحياة العامة.. ليندا مطر كانت سيّدة نفسها، راعية لحريتها وحقوقها عبر ثقافتها ونضجها وواجباتها. أعطت لبنان كلّه من دون حساب، فهل يبادلها المجتمع المدني وما بقي من الدولة عطاءها عبر إطلاق اسمها على شارع، أو تكريمها بعمل يليق بمناضلة استثنائية؟!
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium