لا يخفى على أحد أن معرض الكتاب العربي والدولي للكتاب الـ 64، الذي افتتحه اليوم رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي في مركز سي سايد أرينا في واجهة بيروت البحرية الجديدة، هو موعد ثابت في الأجندة الثقافية في لبنان، رغم الواقع الأليم للأزمة الاقتصادية الخانقة جداً، التي ترمي بثقلها على سوق بيع الكتب و الإقبال على الشراء، في ظل انخفاض عدد دور النشر في المعرض عن الدورات السابقة من أكثر من 240 داراً محلياً و عربياً ودولياً إلى 130 داراً هذه السنة، منها 10 عربية؛ عراقية، مصرية، سورية، تونسية إضافة الى مشاركة لافتة لكل من وزارة الثقافة العُمانية وثلاثة أجنحة إماراتية ضمت كلاً من هيئة الشارقة للكتاب، جمعية الناشرين الإماراتيين والملتقى العربي لناشري كتب الأطفال، مع تسجيل غياب لافت لمشاركة دول عربية وخليجية عدة وعلى رأسها دولة الكويت والمملكة العربية السعودية.
الصور بعدسة الزميل حسام شبارو
إيجابيات المعرض
في الحقيقة، يحتاج النادي الثقافي العربي إلى تنظيم هذه الدورة لتخطي الإخفاقات وسوء التنظيم، التي واكبت الدورة السابقة في آذار الماضي، التي لم يتعدَّ المشاركون فيها 79 دار نشر.
حمل المعرض جوانب إيجابية وأبرزها إطلاق إسم الراحل سميح البابا على هذه الدورة بصفته أحد الأركان الأساسيين في تنظيم المعرض، وفقاً لما ذكرته رئيسة النادي سلوى السنيورة بعاصيري، وذلك تقديراً لدوره الملحوظ جداً في مسيرة النادي وتنظيم المعرض.
وسُجلت أيضاً مشاركة نقابة اتحاد الناشرين في لبنان، التي أعادت للمعرض حضوره الثقافي من خلال دور نشر عدة، مع تسجيل خطوة ريادية مهمة جداً تمثلت باستحداث جناح فرنكوفوني مميز جداً في المعرض ضم كلاً من مكتبة أنطوان، المكتبة الشرقية، مكتبة لا فانيسي و مكتبة SORED، مكتبة إسطفان وفرت كل منها إصدارات فرنسية وعربية. مع الإشارة الى أن السفارة الفرنسية كان لها دور في دعم المبادرة المذكورة.
من إيجابيات المعرض أن رئيسة نقابة اتحاد الناشرين في لبنان سميرة عاصي طالبت الرئيس ميقاتي في كلمة ألقتها خلال جلسة افتتاح المعرض دعم الثقافة، وأن "تكون الثقافة،التي هي الكتاب،هماً يومياً. كما طالبت الحكومات وجامعة الدول العربية ووزارات الثقافة والتربية والتعليم والإعلام في كل قطر عربي الإسهام في مساعدة الناشرين ودعم الكتاب، لا أن تفرض عليهم دول غنية رسوم اشتراك الأجنحة في معارضها، يتكبدونها إلى جانب الهم المعيشي ومصاريف الشحن وتذاكر السفر والإقامة".
وتوجهت بالشكر إلى"دولة الكويت على موقفها النبيل في معرضها المنعقد أخيراً، والمتمثل في إعفاء الناشرين من رسوم المشاركة في المعرض،كما شكرت كلاً من دولة قطر والمملكة العربية السعودية على التسهيلات والدعم الذي يقدمونه لدور النشر اللبنانية من أجل المشاركة في المعارض العربية وشراء الكتاب اللبناني والإعفاء من رسوم الإشتراك".
ومن حسنات المعرض أنه يبدو ولليوم الأول منظماً من قبل القيمين عليه من ناحية الطلب من دور النشر الالتزام بنشر صور لأغلفة إصداراتهم فقط دون أي صور لشخصيات، وذلك تفادياً لإعادة حادثة الشجار الحاد الذي وقع في آذار الماضي بين بعض الشبان والقيمين على دار المودة على خلفية وضع صورة لقاسم سليماني داخل جناجها.
كما يسجل أيضاً ميل لبعض دور النشر إلى اللجوء للحسومات على سعر الكتب، التي قد تصل إلى 35 في المئة، وذلك تشجيعاً للبيع.
أزمة المازوت
من سوء طالع المعرض أن المصاريف التشغيلية، ومنها توفير مادة المازوت لتأمين الطاقة للمعرض فرضت على المنظمين العرض إلى السبت 11 كانون الأول يومياً من العاشرة صباحاً الى الثامنة مساء، بعد أن اعتدنا سابقاً أن يمتد المعرض الى أسبوعين كاملين حافلاً ببرنامج مثقل بالندوات، التي لا تتعدى اليوم 24 ندوة ومجموعة تواقيع لم يتسلمها الإعلام إلى اليوم.
دار النهار
يذكر أن من الدور المشاركة في المعرض "دار النهار" للنشر، الذي تميز اليوم بتوقيع كتاب الدكتور كمال ديب "عهود رئاسية أزمات وحقائق من شارل دباس إلى ميشال عون".
يقول ديب لـ"النهار" إن كتابه يغطي عهود 15 رئيساً للجمهورية من زمن الانتداب هم شارل دباس و اميل إده و 13 رئيساً في فترة ما بعد الاستقلال". مشيراً إلى أن ميزة الكتاب تقوم على بحوث معمقة تخرجنا من الطابع الكلاسيكي للكتب الصادرة عن تاريخ لبنان، وهي تبدأ ببيروت والمتصرفية وجبل لبنان، فيما "اخترت أن أبدأ كتابة التاريخ من الأقضية شارحاً دورها في تشكبل تاريخ لبنان". وشدد على أن "المسألة الثانية في الكتاب هي أنني أشرح فعلياً غياب ما يعرفه البعض بالنهج الشهابي، بل هو نهج رئيسي مستمر ومتواصل من بشارة الخوري مروراً بكميل شمعون ففؤاد شهاب ونصف عهد شارل الحلو". ولفت الى "أننا شهدنا بعد أزمة بنك إنترا في العام 1966 وبسبب أزمة 1967 تراجعاً ملحوظاً في العهود الرئاسية استمر إلى اليوم".
وأضاف: "نجح هؤلاء الرؤساء لأنهم تبنوا مشروع بناء الدولة والانفتاح على العالم العربي والغربي".
وتوقف عند التنوع الطائفي والعرقي، الذي هو فعلياً غنى للبنان، داعياً الى خلق فضاءات مشتركة وساحات وقاعات للموسيقى والكتب وواجهات بحرية تتيح الاختلاط بين الناس لتوجيههم الى المسار الصحيح". واعتبر أن "الطائفية ليست قدراً للبنان لأننا شهدنا توجهاً نحو الدولة الرعائية في أواخر ستينيات وأوائل سبعينيات القرن الماضي، التي ما لبثت ان تقهقرت بعد الحرب، ما دفع المواطن الى تقديم ولائه للزعيم للحصول على خدماته".
لا بد من الاشارة إلى أنه وقبيل قص شريط الإفتتاح تم توزيع جوائزالكتب الأفضل إنتاجاً والتي جاءت كالتالي: جائزة أفضل إصدار _ تصميماً وإخراجاً وطباعةً لفئة الكبار بعنوان: "التراث المأثور" تأليف الدكتور محمد مصطفى منصور، عن دار الانتشار العربي
- جائزة أفضل إصدار _ تصميماً وإخراجاً وطباعةً للفئة الناشئة، توزعت على ثلاثة كتب الأول بعنوان: "الحروف العربية"،تأليف دار عالم الأفكار، عن دار إبداع الدراسات. الثاني بعنوان: "منديل جدتي" تأليف جيكر خورشيد، عن دار أصالة. أما الثالث فكان بعنوان "أحوال كتب الأطفال"،تأليف د. ماتيلدا شافر، عن دار صنوبر بيروت.
وقدمت جائزة أفضل إصدار يبرز جمالية اللغة العربية وانفتاحهاعلى الثقافات الأخرى بعنوان "العربية في شوارع بيروت"، تأليف مجموعة باحثين، عن مرصد اللغات/العربية وأخواتها _ جامعة القديس يوسف.
أما جائزة أفضل إصدار حول إستخدام التطور الرقمي في خدمة اللغة العربية،فكانت بعنوان "المورد الحديث الإلكتروني" وهو قاموس إنكليزي عربي بنسخة ورقية إضافة الى نسخة إلكترونية تعمل على أجهزة أبل وويندوز والأجهزة التلفونية، تأليف منير بعلبكي، والدكتور رمزي بعلبكي، عن دار العلم للملايين.
والجوائز هي عبارة عن مبالغ مالية قدمت كدعم من هيئة الشارقة للكتاب.