النهار

نيلسون مانديلا... من صفوف النضال إلى الرئاسة والتغيير
المصدر: "النهار"
نيلسون مانديلا... من صفوف النضال إلى الرئاسة والتغيير
نيلسون مانديلا.
A+   A-
منذ تسع سنوات، العام 2013، انطفأت شعلة المناضل في جنوب أفريقيا. غادر نيلسون مانديلا تاركاً وراءه إرثاً خالداً في التاريخ. سياسيّ ومناضل من جنوب أفريقيا، وأوّل رئيس أسود لها، رفض الظلم وحارب العنصرية، وأمضى أكثر من ربع قرن في الأسر. من فكره السياسي الحرّ انبثقت القوّة والإرادة، وخاض معارك للحصول على حقوق شعبه المظلوم، في حين عاش فترة التمييز العنصري المتفشّي في جنوب أفريقيا، فاستحقّ جائزة نوبل للسلام.

ولد في العام 1918 من قبيلة "ماديبا"، وكان نجل الزعيم هنري مانديلا. بعد وفاة والده، ترعرع على يد جونجينتابا خليف عرش تيمبو. لكن نيلسون تخلّى عن زعامة القبيلة ليذهب إلى الجامعة ويدرس الحقوق.
عرف أهميّة العلم، ومن أقواله أن "التعليم أقوى سلاح يمكنك استخدامه لتغيير العالم".


نشاطه السياسي
درس الحقوق في جامعة ويتواترسراند في جوهانسبرغ. وفي العام 1944 انضم إلى المؤتمر الوطني الأفريقي (ANC) الذي عمل لتحرير السود من أغلال التمييز العنصري، وأصبح قائدًا لحزب الشباب التابع له.
 
كان نشاط مانديلا المناهض للفصل العنصري هدفًا متكررًا للسلطات، وبدأت الحكومة تضغط عليه بدءاً من العام 1952. تمّ حظر الحزب بشكل جذري. وفي كانون الأوّل من العام 1956 اعتُقل مانديلا إلى جانب 100 شخص بتهمة الخيانة، وطالت الاعتقالات الناشطين البارزين المطالبين بحقوق السود. أُرسل مانديلا للمحاكمة وتمت تبرئته في نهاية العام 1961.

وبعد الإفراج عنه قاد مقاومة سريّة، فسافر إلى الجزائر في العام 1962 لترتيب دورات تدريبيّة لأعضاء الجناح العسكريّ للحزب، لكنّه بعد عودته اعتُقل مرّة أخرى بتهمة مغادرة البلاد بطريقة غير قانونيّة، وبتهمة التحريض على الإضرابات وأعمال العنف.
 
بدأت محاكمته في العام 1963 بتهمة التخريب والخيانة والتآمر في محاكمة "ريفونيا"، وبرز حينها خطاب مانديلا من قفص الاتهام، حين اعترف بحقيقة بعض التُّهم الموجّهة إليه، مدافعاً عن الحريّة في وجه الاستبداد. لاقى خطابه "أنا على استعداد للموت" صدًى كبيراً، فحُكم عليه بالسجن المؤبّد، تفادياً لعقوبة الإعدام.

رافقت الكتب مانديلا طوال فترة سجنه لمساندة وحدته، من أهّمها كتاب الإمبراطور الروماني ماركوس أورليس، "الأفكار الذهبيّة"، الذي كان ينتمي إلى فئة "الفلاسفة الرواقيين".

طوال فترة سجنه، حافظ مانديلا على شعبيته، وأصبح سجنه من الدوافع لمحاربة التمييز العنصري. ومع تدهور الوضع السياسي في جنوب أفريقيا والإفراج عنه في العام 1990 عُيّن كنائب رئيس لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي، وأصبح رئيسًا للحزب في 1991، وليُنتخب في العام 1994 رئيساً لجمهورية جنوب أفريقيا.
 
قاد المفاوضات مع الرئيس دي كليرك لإلغاء الفصل العنصري وإجراء انتخابات متعدّدة الأعراق في العام 1994، ممّا أوصل حزب المؤتمر إلى الفوز. انتخب رئيساً، وشكّل حكومة وحدة وطنية في محاولة لنزع فتيل التوترات العرقيّة. وكرئيس، أسّس دستوراً جديداً ولجنة للحقيقة والمصالحة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في الماضي. استمرّ شكل السياسة الاقتصادية الليبرالية للحكومة، وعرضت إدارته تدابير لتشجيع الإصلاح الزراعي ومكافحة الفقر وتوسيع نطاق خدمات الرعاية الصحية.
 
مكث مانديلا 27 عاماً في السجن، أولاً في جزيرة روبن آيلاند، ثمّ في سجن بولسمور وسجن فيكتور فيرستر. وبالموازاة مع فترة السجن، انتشرت حملة دولية عملت على الضغط من أجل إطلاق سراحه، الأمر الذي تحقق في العام 1990 وسط حرب أهلية متصاعدة. 

اقرأ في النهار Premium