النهار

صمود جوقة الفيحاء في زمن الغرق... رافعة لـ"رفيقات درب" لها في السعودية ومصر والمغرب
روزيت فاضل
المصدر: "النهار"
صمود جوقة الفيحاء في زمن الغرق... رافعة لـ"رفيقات درب" لها في السعودية ومصر والمغرب
جوقة الفيحاء في مسرح المدينة (تصوير حسن عسل)
A+   A-
لا ينحصر عمل جوقة الفيحاء في لبنان، لأن لها دوراً ريادياً في النهوض بجوقاتٍ في كلّ من المغرب، والسعودية، ومصر، والأردن، وسوريا، ولبنان، إضافة إلى مشاركاتها الدولية، التي عزّزت انتشار الأغنية التراثيّة اللبنانيّة العريقة، بل شجّعت الجوقات الأخرى على إدخال بعضها في ريبرتوار أعمالها على المسرح.

لنبدأ من لبنان. ففي زمن الغرق، تواجه جوقة الفيحاء الزمن الرديء في لبنان بمشاركتها في الفترة الماضية بـ8 حفلات أحيتها في البرامج الثقافيّة المواكبة للحفلات، ومنها اختتام مبادرة حسن الجوار على مسرح المدينة ضمن أمسيات "الجار للجار"...

عند دخوله المسرح، صارح قائد الجوقة المايسترو بركيف تسلاكيان الجمهور قائلاً:" سنقدّم لكم اليوم أفضل ما لدينا. أما السبب فهو أن بعض الأعضاء الأكفاء تركوا الجوقة بسبب قرار هجرتهم من لبنان، واستُبدل البعضُ بمنشدين جدد، هم في بداية طريقهم الفني".
 

كلام صادق جداً من المايسترو تسلاكيان. لكن الريبرتوار، الذي تابعناه بفرح كبير، كشف عن أن الفرقة جمعت في صفوفها شباباً وشابات من مناطق مختلفة جغرافياً ودينياً تحت لواء الإنشاد والغناء من وحي التراث اللبناني العريق، الذي يُجسّد التنوّع الثقافي المهدّد في لبنان.

الأهم أيضاً أنه بالرغم من هيبة تسلاكيان واضحة على أعضاء الفرقة، فإن هذا الأخير يعدّ بعض الكوادر الواعدة لإتقان مهارة إدارة الجوقة، معلناً خلال الحفل أنّ أغنية "تلج تلج للأخوين الرحباني" ستنشد من الفرقة بقيادة فاطمة رشا شحادة، فيما أغنية كيليكيا الأرمنيّة ستؤديها الفرقة بقيادة محمود مواس، وصولاً إلى أغنية "لو باقي ليلة" بقيادة أسامة شرف الدين.

حصاد وافر
هذا حصاد وافر جداً بجهد تسلاكيان وطموح قائدة الأوركسترا، لا سيما أنّها الأنثى الوحيدة بين الرجلين، وأعطت حضوراً مميّزاً في قيادة الفرقة، التي هي حكر على الرجال عموماً، مع استنثاءات قليلة، منها المايسترو ياسمينا صباح قائدة جوقة جامعة القديس يوسف.

حملت الحفلة رسائل عدّة منها إنشاد شباب الفرقة وشاباته أغنيات تراثية لبنانية، ومنها الله قدوس، وهي صلاة مسيحية وإسلامية من تأليف أدوار طوريكيان، مع دمج متساو بين السولو المميز جداً لنادر مشدّ والمنشدين، وصولاً إلى تكريم لزكي ناصيف بأغنية "هلا يا هلا وأهواك"، وتحية إكبار للياس الرحباني بأغنية "حنا السكران"...
 

استكملت أهمية الريبرتوار الفنيّ بربط الأغنيات كلها بقضايا وطنية من خلال إنشاد ثلاث أغنيات، أوّلها صرخة شباب وشابات على المسرح بأغنية "بحبك يا لبنان"، وصولاً إلى رائعة مارسيل خليفة "لبسوا الكفافي" بصوت سولو رائع لرلى أبو بكر، ثم مسك الختام مع "زهرة المدائن" في تحيّة للقدس.

أزمة 2019
بعد هذه الحفلة، أجرى الموقع الإلكتروني لـ" النهار" لقاءً مع المايسترو تسلاكيان، صارح فيه نفسه والآخرين على أن "أداء الفرقة لم يكن على مستوى توقّعاتي أي مقارنة مع ما كانت عليه قبل أزمة 2019".

ما هي خصوصية الجوقة؟ أجاب بعفوية:"نضمن استمرارية الجوقة من خلال اعتماد المصلحة العامة على حساب أي غاية شخصيّة، ونوجّه الإنشاد كوسيلة للدفاع عن قضايا وطنية من دون الانزلاق في السياسة. ما نقدّمه يتلاءم مع معايير عالمية للإنشاد والغناء، ومنها غياب الميكرفون أو أيّ وسائل صوتيّة خلال الغناء، مع التزامنا بلحن أساسيّ بارز وأصوات مرافقة له، وهي عكس ما تتمايز به الموسيقى الأوروبيّة التي تخلق معها تناغماً للأصوات.

الصمود الثقافي
 

لم يخف تسلاكيان أن الصمود الثقافي للجوقة يبدو صعباً للغاية في خضم الأزمة الخانقة جداً لأنّ الدعم المالي أساسي فيها، مع العلم أن الاستثمار المالي للجوقات هو مشروع خاسر، لأنه مربح في الفنّ، وخاسر في تحصيل أيّ مردود مالي"، مشيراً إلى "توقّف الدعم الثابت، الذي كنّا نتلقّاه من الرئيس نجيب ميقاتي والوزير محمد الصفدي في العام 2018، ممّا دفعنا الى التزام مشاريع عدّة مع مؤسسات عالمية تتناول دور الموسيقى في حلّ النزاعات مثلاً، وهي تؤمن مردوداً ماليّاً لنا".

توقّف عند الفروع الثلاثة للجوقة في لبنان، أوّلها في بيروت، وتحديداً في الجامعة الأميركية، والثاني في طرابلس، والثالث في بلدة بقعاتا الجديدة في الشوف، مشيراً إلى أننا "منذ تأسيسنا إلى اليوم، ساهمنا في تفعيل دور جوقات عدّة أو حتى إنشائها، ومنها دعم إنشاء جوقة "العنقود"، بقيادة روزي غرّه في زحلة، وقد مثلت الجوقة لبنان في الخارج، إضافة إلى جوقة "المقام" بقيادة جورج فرج في البقاع".
 


وتابع "نشرف على جوقة في السعودية هي جوقة "نجد" بقيادة عدنان رافعي، إضافة إلى مساهمتنا في النهوض بجوقة "عين شمس" في مصر، مع استحداث فرع لجوقتنا استمرّ عامين مروراً بزيارتي الشهرية لمتابعة نمط عمل جوقة "نغم" في المغرب، إضافة إلى تلبية دعوات عدّة لإحياء حفلات في كلّ من قطر والإمارات والعالم كله...".

[email protected]
Twitter:@rosettefadel

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium