يفرض السؤال نفسه علينا في هذا العالم المتخبط بأزمات وحروب عدة أبرزها تفشي وباء كوفيد 19 وانتشاره في العالم كله وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية والصحية على البلدان كلها، إضافة الى أزمة الاحتباس الحراري والتغيير المناخي المربك لقادة هذا الزمن وصولاً الى تأثيرات الحرب الأوكرانية على اقتصاد اوروبا وطاقتها.
تتوجه الأنظار غداً الجمعة الى أوسلو للإعلان عن الفائز بنوبل السلام 2022 في زمن مهدّد فيه السلام بكل ما للمعنى من كلمة.
من هم المرشحون لهذه الجائزة؟ كشفت مجلة "تايم" في عددها الصادر أواخر أيلول الماضي عن رصد أجرته وكالة رويترز للأسماء التي طرحها كل من المجلس التشريعي النرويجي، وبمتابعة حثيثة من معهد بحوث السلام في أوسلو، لنيل هذه الجائزة لسنة 2022 وهم ينقسمون الى ترشيحات الى مجموعتين، الأولى لأسماء سياسية أو صحافية أو نضالية بيئية، والثانية لوكالات عالمية ومجموعة سياسية أدّت دوراً مفصلياً في حوادث آنية ملحّة.
قبل عرض اللوائح المرشحة، ترجح المعلومات الأخيرة حصر الآسماء الأكثر ترشيحاً للفوز بين الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي وكل من يعمل في التغيير المناخي من شخصيات محددة أو وكالات معينة.
فولوديمير زيلينسكي
لنبدأ بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي تصدّر غلاف مجلة التايمس في بعض أعدادها، وهو على قائمة الأكثر حظاً للفوز بجائزة السلام. وشدد الموضوع في المجلة المذكور على أن العالم كله ما زال يذكر أنه بعد غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الشامل لأوكرانيا في 24 شباط، وقف زيلينسكي بحزم في كييف مسجلاً رسالة بسيطة قال فيها: "نحن هنا... نحن في كييف. نحن نحمي أوكرانيا".
ومنذ ذلك الحين، تحدث زيلينسكي مراراً وتكراراً ضد تصرفات روسيا على الساحة العالمية وحث الحلفاء الدوليين على معاقبة الكرملين على عدوانه.
لقد كان له نصيبه من الهروب عن قرب. ومع اندلاع الحرب لأول مرة، كانت القوات الروسية على بعد دقائق فقط من العثور عليه وعلى عائلته. وبعد أكثر من سبعة أشهر من اندلاع الصراع – وبعد أن ضمت روسيا أجزاءً من أوكرانيا – يواصل زيلينسكي الدفاع عن البلاد.
سفياتلانا تسيخانوسكايا
المعارضة السياسية البيلاروسية سفياتلانا تسيخانوسكايا هي رقم صعب في الحركة النضالية النسائية والإنسانية على حد سواء. تعيش في المنفى منذ أن ترشحت ضد ألكسندر لوكاشينكو في الانتخابات الرئاسية لعام 2020 في البلاد. ادعى لوكاشينكو فوزه على الرغم من المخاوف من أن الانتخابات كانت غير عادلة والاعتقاد السائد بأن النتائج وضعت تسيخانوسكايا أمامه.
لم تدخل معترك السياسة في البداية لسببين الأول لأنها كانت تتابع مسؤولياتها كأم مع ميلها للعودة الى تدريس اللغة الإنجليزية. لكن اعتقال السلطات البيلاروسية لزوجها للضغط عليه لإيقاف حملته الرئاسية دفعها الى تغيير أولوياتها والتدخل حيال هذا الموقف وإعلان ترشحها للرئاسة، الأمر الذي لاقى دعماً من عدد من البيلاروسيين والنساء على وجه الخصوص.
ماذا يجري اليوم لطرح اسمها لهذه الجائزة؟ في التفاصيل أنه بعد إعلان لوكاشينكو فوزه قبل عامين، أمر قوات الأمن بقمع الاحتجاجات بعنف. في المقابل، استمرت التظاهرات ضد نظامه منذ ذلك الحين، مع تفصيل مهم أن تسيخانوسكايا استمرت في القيام بدور رئيسي في تحدّي الرئيس والسلطات من خلال دعوتها المستمرة إلى إجراء انتخابات نزيهة ووضع حدّ للعنف.
أليكسي نافالني
تُوّج زعيم المعارضة الروسية المسجون والناشط المناهض للفساد أليكسي نافالني، الشخصية الرئيسية في نضاله من أجل الإصلاح الديموقراطي.
في عام 2011، أنشأ نافالني مؤسسة مكافحة الفساد للتحقيق مع مسؤولين روس رفيعي المستوى بتهمة الفساد. وعلى مدى أعوام، عمل على محاسبة نظام بوتين، إلى جانب المجموعة المتحالفة معه.
لقد دفع نافالني ثمناً باهظاً على سلامته الشخصية وحريته. نجا من محاولة اغتيال في عام 2020، عندما جرت محاولة تسميمه بغاز أعصاب. رغم المخاطر المحدقة بحياته، عاد إلى روسيا بعد أن عاش لفترة وجيزة في ألمانيا خلال فترة شفائه.
اللافت أن منظمة العفو الدولية جرّدت نافالني من صفة "سجين رأي" بعد تلقيه العديد من الشكاوى بشأن التعليقات المعادية للأجانب....
غريتا ثونبرغ
الناشطة السويدية في مجال المناخ غريتا ثونبرغ، التي اختيرت شخصية العام في 2019 في مجلة تايم، واصلت الضغط على القوى العالمية لبذل المزيد من الجهد لمكافحة أزمة المناخ.
في عام 2021، انتقدت خلال مشاركتها في قمّة المناخ 2021، متهمة بأن القمة بذاتها لم تبذل ما يكفي من جهود لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بشكل ملحوظ. وفي الآونة الأخيرة، استهدفت السياسيين السويديين، قائلة إنهم تجاهلوا أزمة المناخ قبل الانتخابات الوطنية في أيلول الماضي.
صعد نجم ثونبرغ لأول مرة إلى الشهرة في عام 2018 بعد أن بدأت حركة للطلاب في جميع أنحاء العالم للاحتجاج لصالح إجراءات لمكافحة أزمة المناخ مع الاشارة الى أنه يجري تداول اسمها كمرشحة للفوز بجائزة السلام منذ عام 2019.
سيمون كوفي
جعل وزير خارجية توفالو سيمون كوفي من معالجة أزمة المناخ جزءاً رئيسياً من مهمته، ولا سيما أنه كان يكرر دائماً خوفه من ارتفاع منسوب مياه البحار، الذي يشكل تهديداً كبيراً لغرق جزر المحيط الهادئ مثل توفالو التي تعد رابع أصغر بلد في العالم وتتكون من تسع جزر صغيرة.
ديفيد أتينبورو
ما زال هذا العالم البريطاني يعيش بروح شبابية رغم أنه ناهز الـ95 عاماً. عالم بريطاني كرّس حياته المهنية لتوثيق الحياة على الأرض والكوكب الأزرق وتقديمها من خلال برامج تلفزيونية. وقد عرضت أعماله الحياة البرية والطبيعة بشكل وثيق لعدة عقود. وفي الآونة الأخيرة، تحدث أتينبورو أمام الأمم المتحدة والمنتدى الاقتصادي العالمي للدعوة إلى معالجة أزمة المناخ.
براتيك سينها ومحمد الزبير
يكافح الصحافيان براتيك سينها ومحمد الزبير، المؤسسان المشاركان لموقع "ألت نيوز" الهندي لتقصّي الحقائق، بلا هوادة لضبط المعلومات المضللة في الهند، حيث اتهم حزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي بتأجيج التمييز ضد المسلمين في كثير من الأحيان.
فضح سينها والزبير منهجياً الشائعات والأخبار المزيّفة المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي.
واعتقلت السلطات الهندية الزبير في حزيران لهذه الأخبار، ما دفع الصحافيين في جميع أنحاء العالم الى إدانة اعتقاله وجادلوا بأنه كان انتقاماً منه على عمله في التحقق من الحقائق.
دعت لجنة حماية الصحفيين إلى إطلاق سراح الزبير مشيرة إلى اعتقاله باعتباره "مستوى منخفضاً آخر لحرية الصحافة في الهند، حيث خلقت الحكومة بيئة معادية وغير آمنة لأعضاء الصحافة الذين يغطون القضايا الطائفية".
منظمة الصحة العالمية
هي المنظمة التي كانت الأوفر حظاً للفوز بجائزة السلام في عامي 2020 و2021.
منذ ما يقارب ثلاث سنوات، كانت منظمة الصحة العالمية في طليعة الاستجابة العالمية لجائحة كوفيد-19. في ذلك الوقت، تمكنت من توفير المال واللقاحات والمعدات للمساعدة في احتواء المرض في جميع أنحاء العالم. وقدّم برنامج كوفاكس المدعوم من منظمة الصحة العالمية، والذي يركز على البلدان الفقيرة، حتى الآن أكثر من 1.7 مليار لقاح إلى 146 دولة.
لكن وكالة الأمم المتحدة تعرضت أيضاً لانتقادات بسبب سلسلة من الأخطاء، من بينها: التأخير لمدة أسبوع في إعلان تفشي المرض في الصين حالة طوارئ دولية، والتصريحات المتناقضة حول الانتشار بدون أعراض، وعدم فرض ارتداء الأقنعة للحد من انتقال العدوى في المراحل المبكرة من تفشي المرض.
وكالة الأمم المتحدة للاجئين
كانت المفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في طليعة الاستجابة للأزمات في أوكرانيا وأفغانستان، حيث قدمت المساعدة النقدية ومواد الإغاثة للمحتاجين.
أدت الحرب في أوكرانيا إلى نزوح أكثر من 7.2 ملايين لاجئ من أوكرانيا عبر أوروبا منذ 24 شباط ونزوح أكثر من 6.9 ملايين أوكراني داخلياً وفقاً للأمم المتحدة. وهي ترقى إلى أكبر أزمة لاجئين في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
وفي السنوات الأخيرة، قادت المفوضية أيضاً الاستجابات الإنسانية للحرب السورية وأزمة المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط. وسبق للوكالة أن حصلت على جائزة السلام في عامي 1954 و1981.
حكومة الوحدة الوطنية في ميانمار
هي حكومة ظلّ برزت بعدما اعتقل الجيش في البلاد أونغ سان سو تشي في انقلاب في شباط الماضي. اتهمها الجيش بانتهاك قواعد كوفيد-19 والفساد. وقتل أكثر من 1000 شخص منذ اعتقالها، واعتُقل آلاف آخرون بسبب احتجاجهم على الحكم العسكري.
وتتألف حكومة الوحدة الوطنية في ميانمار من مسؤولين منتخبين يعارضون الحكم العسكري؛ ولا يزال الكثيرون في المنفى. حكم جيش ميانمار بيد ثقيلة، مما أدى إلى إدانة الإبادة الجماعية ضد مسلمي الروهينغا وقمع الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد التي تدعو إلى الإصلاح الديموقراطي.
Twitter:@rosettefadel