افرحت فرقة "ميّاس" قلوب اللبنانيين بوصولها الى النهائيات في اميركا مثلما افرح وصول شباب منتخب كرة السلة الى كأس العالم. اللبنانيون كأفراد مميزون ومبدعون وتشهد لهم انجازاتهم في كل مكان في العالم، لكن اللبنانيين كشعب او جماعة او هيئة او مواطنين لا يملكون الإطار الفعال الذي يحقق لهم انسانيتهم وكرامتهم واحلامهم فهم بلا سقف ولا أرض ولا اعتبار ولا افق.
كان الرئيس سليم الحص يردد: "لا اخاف على اللبناني ولكن اخاف على لبنان". لان لبنان نظام طوائف والاحزاب فيه ترفع شعارات سياسية فارغة تتحول الى عصابات ومافيات ومليشيات متجذرة ومحمية من دول. بالتالي من يصل الى سدة الحكم ليس الافضل بل الاكثر تمثيلا لهذه المصالح الملتبسة والمتردية والقائمة على العمالة والفساد. نشهد في الداخل كل صنوف الذل وانواعه وندافع عن معاقل الروح ونحن نتعثر بمستلزمات الحياة اليومية. نقترض من رأسمالنا الرمزي الكبير في الثقافة والاجتماع والسياسة لكي نرمم احلامنا. نعيش "على بعل" لكي نستمر.
قرأت في احد التقارير الاقتصادية ان اللبنانيين في بلاد الاغتراب حولوا الى اهاليهم في لبنان في العام الماضي 6.7 مليارات دولار اميركي. هذا بلد ينقذه اولاده بمد انابيب الاوكسسجين عبر الحدود وخلف البحار. كتب لي الاديب الصديق المغترب فارس الحرموني "صمودكم في الداخل يمنع عنا اليباس في الخارج". هل يكتب للبنان الامل؟ هل يحظى بطوق نجاة؟ ادرك الرئيس فؤاد شهاب (1902-1973) قبل اكثر من نصف قرن بحدسه العسكري والوطني والسياسي معنى ان تكون حديثا يتبني مؤسسات حديثة فعالة منتظمة للدولة.
نفرح وندمع ونحن نشهد النجاح لاولادنا قس الخارج وهم يرفعون اسم لبنان عاليا ويعيدون الثقة بالنفس للبنانيين. لكن هذه الاشراقات الجميلة تحتاج في الداخل الى بناء المواطنة وتأسيسها فوق كل هذا الخراب كمشروع خلاص وانقاذ. كتب جان جاك روسو غير مرة "علينا ان نكون مواطنين كي نصبح بشرا".