النهار

"موعود معايا بالعذاب موعود يا قلبي": الأغنية التي غنّاها عبد الحليم وأنهى ليلته في المستشفى
سليمان بختي
المصدر: "النهار"
"موعود معايا بالعذاب موعود يا قلبي": الأغنية التي غنّاها عبد الحليم وأنهى ليلته في المستشفى
عبد الحليم.
A+   A-
توفي الفنان عبد الحليم حافظ في 30 آذار 1977 (ولد في 21 حزيران 1929)، لكنه مع عمره القصير وسم عصرا من الغناء والطرب بطابعه المميز. فهو ظاهرة فنية من جهد وتعب ومران وإرادة وتخطيط وذكاء في اختيار الكلمات والألحان والتوقيت لإطلاقها، جعلته رمزا للحب والثورة والشباب. فما سره؟

قال عنه الشاعر نزار قباني (1923-1998) إن سر عبد الحيلم حافظ أنه غنى القوة والكبرياء والإرادة والتحدي والمستحيل. غنى الناس بصدق يندر أن يتكرر فأحبه الناس بالصدق والعشق نفسيهما.

في صيف 1971 أطلق عبد الحليم حافظ أغنيته "موعود"، كلمات الشاعر محمد حمزة (1940-2017) وألحان بليغ حمدي ( 1932-1993) في مهرجان أضواء المدينة في القاهرة. غنى وأجاد وأعاد مقاطع وفقرات حتى أنه عندما خرج من المسرح إلى الكواليس كان مرهقا متعبا ونقل فورا إلى المستشفى ومنها إلى لندن لمتابعة العلاج إثر نزيف شديد في الأمعاء.
 


نسي عبد الحليم نفسه وهو يردد "موعود معايا بالعذاب يا قلبي". نجحت الأغنية نجاحا مرموقا وتركت أثرا طيبا في نفسه ولدى الجمهور والملحنين. قال عنها محمد الموجي إنها أحب وأقرب ألحان بليغ حمدي إلى قلبه. وقال الملحن كمال الطويل إنها ليست أغنية وحسب بل معجزة موسيقية. وقال عنها محمد عبد الوهاب "بليغ حمدي بتجيله جمل وألحان ما بتجيش لملحن إلا كل خمسين سنة وعلى رأس هذه الألحان تأتي موعود". وقال الملحن حلمي بكر "ان بليغ حمدي في أغنية موعود كان خمسة ملحنين مع بعض".

ماذا تقول الأغنية؟
"موعود معايا بالعذاب موعود يا قلبي/ موعود ودايما بالجراح موعود يا قلبي/ ولا بتهدى ولا بترتاح في يوم يا قلبي/ وعمرك ما شفت معايا فرح/ كل مرة ترجع المشوار بجرح/ والنهار ده جي تقول لي إنسى الأهات/ جي تقول لي الحب فات..../ أمانة يا دنيا أمانة تاخدينا للفرحة امانة/ تاني تاني تاني حنروح للحب تاني/ حنروح الحيرة تاني تاني/ ونضيع ونجري ورا الأماني/ والقمر طلع والخوف بعد والهوى دفي والليل سمع/ شوف بقينا فين يا قلبي وهي راحت فين/ شوف سابتنا فين يا قلبي/ في سكة زمان راجعين في سكة زمان/ في نفس المكان ضايعين في نفس المكان/ لا جراحنا بتهدى يا قلبي/ ولا ننسى اللي كان يا قلبي شوف.../ خلي فجر الحب يطلع بدر يملى مشوارنا الجديد".

هي أغنية عن علاقة مستحيلة. صراع ملحمي بين العاشق وقلبه الذي قرر العشق رغم العذاب في الحب الأول ورغم الحزن ورغم الفرح: "شوف بقينا فين يا قلبي وهي راحت فين". يعيدها عبد الحليم خمس أو ست مرات ولا مرة تشبه الثانية. كأن نهاية الحب هي نهاية الحياة، واضعا إحساسه المرهف والدرامي في هذا الكلام. يروي الشاعر محمد حمزة أن عبد الحليم حافظ قال له قبل أن يصعد إلى المسرح أنه لا يحبذ كلمة "الخوف رجع" ويريد أن يقول "والخوف بعد" فأيده حمزة في مراده.

تلك الأغنية الجميلة لبث عبد الحليم يغنيها ويتغنى بها كأنها تعبر معه عن حبه الضائع والأيام التي يتداولها المرء بين القلب والوقوع في الحب وأحواله ومخاوفه. خاطبت هذه الأغنية روح عبد الحليم وتماثلت مع المشاعر والظروف التي كان يعيشها في ذلك الوقت. وتعتبر واحدة من أهم عشر أغان غناها عبد الحليم في مشواره وفي طليعة إيراداته حتى اليوم.

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium