أغنية "يا بلح زغلول" لها مغزى وبعد وتاريخ. ففي أثناء ثورة 1519 في مصر أصدر القائد العام البريطاني أمرا عسكريا بسجن كل من يذكر إسم سعد زغلول (1858-1927) ستة أشهر مع الشغل وجلده عشرين جلدة. وكان سعد زغلول قائد الثورة يسكن في وجدان المصريين وقلوبهم وأحلامهم وكان هتافهم في التظاهرات "يحيا سعد يحيا سعد".
أصدرت سلطات الاحتلال أمرا بنفيه إلى مالطة، فانفجرت الثورة على نطاق واسع. ذهب سيد درويش إلى بديع خيري قائلا: "أريد كلاما لأغنية فيها سعد وزغلول لأجعل المصريين يغنونها نكاية بالإنكليز"، فكتب بديع خيري: "يا بلح زغلول/ يا حليوه يا بلح/ يا بلح بلدي/ عليك يا وعدي/ يا بخت سعدي/ زغلول يا بلح/ عليك أنادي/ في كل وادي/ قصدي ومرادي/ زغلول يا بلح/ الله أكبر/ عليك يا سكر/ يا جابر أجبر/ زغلول يا بلح/ ما عدتش أبكي وفي مدبر/ مين بس ينكر/ زغلول يا بلح/ يا روح بلدك/ ليه طال بعادك/ تعال صون بلادك/ زغلول يا بلح/ سعد وقال لي/ ربي نصرني/ وراجع لوطني/ زغلول يا بلح".
لحنها سيد درويش وغناها وغنتها أيضا نعيمه المصرية وغيرهما. في ذلك الوقت انتصرت الأغنية واشتد عضد الثورة فاضطرت السلطات إلى إعادة سعد زغلول من المنفى إلى البلاد. عرفت الأغنية انتشارا واسعا وغناها كل من حسن سلطان وعلاء عبد الفتاح ومحمد محسن من مصر، وغنتها داليدا رحمه وإيلي شويري من لبنان، إضافة إلى فرق الكورال في مصر.
المفارقة اللافتة لهذه الأغنية أن الرقابة المصرية منعت في العام 2020 عرض الأغنية ضمن المسرحية الغنائية التي تحمل إسم "سيد درويش" وكانت تعرض في مسرح البالون في القاهرة. ومع أنها أغنية تراثية ووطنية ارتبطت بمقاومة الاحتلال فقد أثار قرار منعها الشارع المصري الذي سخر من السلطات التي تخشى الأغاني التي يذكر فيها البلح، في إشارة إلى الأغنية الساخرة التي غناها رامي عصام وتحمل إسم "بلحة" في نقده للنظام ورئيسه.