الفيلسوف الكبير بولس الخوري انتقل إلى السدرة، إلى النور، إلى ضوء الحبر، إلى الروح، إلى الرحاب العظمى، إلى اللطف الأبديّ الأعلى، بعدما انعتق قبل ساعات قليلة من عبء الأرض، وأثقال الدنيا.
بتواضع العلماء الملافنة، الأساتذة، العاكفين على العقل والعرفان، وبتهيّب النسّاك، الزهّاد، وبالرفق الذي يكلّل حضوره المبتسم، غاب بهدوء، مطفئًا نور عينيه، لينضمّ إلى النور الذي لا ينضب زيته مدى الدهور.
في 18 آب الفائت، أي قبل ثلاثة أشهر، احتفلت "النهار" بمئويّة ولادته (1921- تشرين الثاني 2021)، احتفاءً يليق بالمهمّة الشائقة والشاقّة التي اضطلع بها بولس الحبيب طوال عمره المديد، فتحلّق حوله سبعة من المشتغلين بالفلسفة، وألقوا الضوء، كلٌّ من جهته، على الانشغال الفلسفيّ الموسوعيّ والمتنوّع والجمّ، الذي جعله وديعةً بين أيدي أهل العقل والفلسفة والسؤال والجدال والنقاش واليقين والشكّ، وبوصلةً للفهم والإدراك، من شأنها أن تكون في خدمة زورق العقول والنفوس التي يقضّها البحث الدؤوب العميق عن وجهة الحقائق في نقائها الفلسفيّ الأسمى.
يستطيع بولس الخوري من الآن، وبعد الآن، أن ينام نومة الفلاسفة في حضن الفيلسوف الذي تجتمع بين يديه فلسفة الكون، ماضيًا وحاضرًا ومستقبلًا.
سلامًا إلى روحكَ أيها الصديق الحبيب الفيلسوف.