النهار

يوم أقرب إلى الجنّة
A+   A-
جو القارح
 
بينما تنزلق الشّمس على وجهي،
وأذوب أنا على الباب الخشبيّ،
ترفع روحي ساقيها الرّفيعتين،
علامة اعتراض،
كأنّ الرّاحة يحتكرها المُغَيّب فقط.
مذ اختفت روحي،
وتفترشني الأحلام عمدًا،
صيدًا ثمينًا،
عشبًا ربيعيًّا رطبًا،
ينبت صامتًا على قارعة الطّريق،
وبينما ينمو منتظرًا الحرّ،
يرفع خصلاته الخضراء للهواء،
ربّما لن يطير بينها،
ولن يداعبها بحنان مشفّر،
لكنّه إذا مرّر يديه الهاربتين حول خصرها،
وقبّل وجهي وشفتيّ،
وسحب منهما ريشته،
أشعرني أنّني،
يوم أقرب للجنّة.
أنا لم أجئ من خلف الغيوم،
لم أتعلّم المشي بسرعة،
ولا الكلام،
ربّيت كتفيّ ورأسي على حبّ الطّيران،
كانت لي نافذة أحشر فيها جسدي بأكمله،
وأفتح عينيّ لتدخلهما الشّمس،
هكذا تعلّمت الكلام،
وبعد بضع سقطات،
تعلّمت المشي،
أما الطّيران فبقي حلمًا،
ناعمًا كوسادة من وجنات عاشقة محمرّة،
وكلّما عاندتُ النّافذة،
وتسلّقت جناحيّ المقعدين حماسًا،
أقع أرضًا،
لا أتكلّم ولا أقف لأمشي،
بل أشعر أنّني،
يوم أقرب للجنّة.
كل مرّة أرتّب فيها آمالي أضيع،
أخرج من الوعد وإليه أعود ألف مرّة،
نفسه،
أمام كل جدار،
على كل رصيف،
وتحت كلّ ضوء،
حاولت ألا أكشف عريي إلا للحجارة،
لكن النّور فضحني،
رفع إسمي،
وخطاياي رايات على طول الأفق،
كلّما هام أحد في البعيد وجدني،
معلّقًا من لساني،
أتابع عن قرب جمع الغيوم،
كيف توضع في صندوق أزرق،
لتطلق من جديد عندما أشتاق لرؤية دموعي،
وبينما تمطر بغزارة في قلبي،
وتتردّد أصوات الرّعد في رأسي،
أشعر أنني،
يوم أقرب للجنّة.

اقرأ في النهار Premium