فيما يستمرّ لبنان بمواجهة تداعيات الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، قامت مبادرة حسن الجوار في الجامعة الأميركية في بيروت بالتعاون مع المكتب العام لـ The Zovighian Partnership، بإطلاق مبادرة "إعطاء الصوت للموسيقى" من أجل خلق مساحة عامة وآمنة لدعم الموسيقى والاحتفاء بها.
اعتلى خشبة مسرح قاعة الـ Assembly Hall في الجامعة الأميركية في بيروت، مجموعة من الموسيقيين الموهوبين الحاصلين على العديد من الجوائز، حيث قاموا بتقديم أداء فني جماعي راقٍ، أمام جمهور من رعاة الفنون ومن السياسيين والديبلوماسيين وأساتذة الجامعة وموظفيها وخريجيها. وامتلأت القاعة بحضور أكثر من ٦٠٠ شخص من أطياف المجتمع كافة اجتمعوا للاحتفال بالمواهب الموسيقية.
من تنظيم وبدعم من رائدة الأعمال والمستثمرة الاجتماعية لين زوفيكيان، جمع الحفل السوبرانو العالمية ماريا مطر، وعازف البيانو والمؤلف الموسيقي أرمن كيتشيك، وعازفة الكمان ريتا أسديكيان، وعازفة الفيولا رانيا كلاّب وعازفة التشيللو انجيلا هونانيان، وكورال الفيحاء بقيادة المايسترو بركيف تَسلاكيان، إلى جانب زوفيكيان التي قررت العودة إلى المسرح كمغنية سوبرانو بعد توقف دام ١٦ عاماً. كما دعمت مؤسسة سعدالله ولبنى خليل هذا الحفل الموسيقي.
تضمّن الحفل باقة غامرة من العروض الموسيقية والأوبرا والموسيقى الكورالية من تأليف ويليام جوميز، وبارسيغ كاناشيان، وزكي ناصيف، وجاك أوفنباخ، وجياكومو بوتشيني، وأنطونيو فيفالدي، وغيرهم. وقد أثبت الحفل نجاحه حيث شهد تفاعلاً مميّزاً من الجمهور الذي استمع بالأداء الفني وعلا تصفيقه مطالباً بالمزيد.
مديرة مبادرة حسن الجوار في الجامعة الأميركية في بيروت، منى الحلاق قالت في كلمتها الافتتاحية: "إن مبادرة "حسن الجوار" قامت بتنظيم عدد من النشاطات الثقافية لإعادة الحياة إلى رأس بيروت ولإضفاء الفرح في القلوب في هذه الأوقات الصعبة. نحن فخورون جداً بتعاوننا مع The Zovighian Partnership، ونأمل أن يشكل ذلك نقطة انطلاق للتعاون في المزيد من المشاريع المقبلة،" وأضافت: "إعطاء الصوت للموسيقى" يشكّل شراكة حقيقية، ويجمع عدداً من الموسيقيين الموهوبين، احتفاءً بالكنوز الموسيقية الوطنية في لبنان."
يسجّل الاقتصاد الثقافي في لبنان انكماشاً، مثله مثل العديد من القطاعات، حيث تفاقمت معه المحنة التي تلقي بظلالها على الموسيقيين الذين يحاولون إعالة أنفسهم بمفردهم.
من جهته، علّق ميشال زوفيكان، المشارك المؤسس ورئيس مجلس إدارة The Zovighian Partnership ، بالقول: "بصفتنا منصّة عائليّة للإستثمار الإجتماعيّ، نلتزم بشدّة بإعلاء أصوات المجتمعات. هذه المرّة، تشرّفنا بالانضمام إلى نخبة من الموسيقيين اللبنانيين الموهوبين والرائعين والملتزمين بروح المثابرة في وجه الأزمات في لبنان".
بدورها، قالت لين زوفيكان: "الموسيقى هي من الأدوات التي تعلّمنا كيفية الالتزام بمعايير تميّز عالية، والعطاء بدون كلل، والعمل بروح الفريق الواحد. هذه هي القيم التي نحتاج إليها لإعادة إعمار البلاد ومساعدة لبنان على المضي قُدماً."
عانى العديد من الموسيقيين من أجل شقّ طريقهم المهني في لبنان. اليوم، يعانون من تحديات الهجرة القسرية بسبب الأزمة الاقتصادية حيث يجدون أنفسهم مجبرين على مغادرة البلاد بحثاً عن ظروف معيشية أفضل. وبتنا نشهد هجرة ثقافية تهدّد الكيان اللبناني مع فقدان أصحاب الخبرات والمواهب الذين لا يستطيعون البقاء، لتصبح هجرة الأدمغة خياراً يائساً بشكل متزايد.
من جهته، يقول كيتشيك وهو أيضاً بروفسور في المعهد الوطني العالي للموسيقى، ومستشار لدى وزارة الثقافة: "هدفنا أن نظهر للموسيقيين الشباب أن هناك مستقبلاً للموسيقى في لبنان. يجب على الطلاب، الذين قمنا بتدريسهم الموسيقى للعديد من السنوات، ألا يخيب أملهم: يمكن أن تقدّم لهم هذه الحفلات حافزاً من أجل التقدّم على المستوى المهني وللاستمرار بمهنتهم الموسيقية في لبنان".
تَسلاكيان الذي قاد كورال الفيحاء للأداء في العديد من الحفلات حول العالم، قال، "العمل مع المواطنين والموسيقيين يسمح لنا بتفعيل الموسيقي الوطنية والاحتفاء بها. أعضاء كورال الفيحاء يشكّلون دعماً لبعضهم البعض وللجمهور. في هذه الأوقات نحتاج إلى الاعتناء ببعضنا البعض أكثر من أي وقت مضى."
مطر، التي هي أيضاً عضو لجنة تحكيم في “L’Opera Europe” وقائدة فرقة موسيقية، قالت من جهتها: "أظهر رد فعل الجمهور المبتهج الذي شهدناه في الحفلة الموسيقية مدى تعطّشه للموسيقى الجميلة في لبنان، ولقد سررنا جداً بأن نقدّم على مسرح قاعة ال Assembly Hall AUB أداءً من القلب، يرتقي إلى مستويات مرتفعة."
في الختام، دعت زوفيكيان كورال الفيحاء وجميع الموسيقيين والجمهور إلى غناء النشيد الوطني اللبناني لاختتام حفل إطلاق مبادرة "إعطاء الصوت للموسيقى". وقالت: "يجب ألا نترك الموسيقيين خلف الركب. إنني آمل أن يشجّع هذا الحفل رعاة الفنّ بالانضمام إلينا لدعم مهمات الموسيقيين لتأسيس سبل عيش مستدامة والحفاظ على أعلى معايير التميّز وروح الفريق الوطني."