من الباليه والرقص المعاصر إلى العزف على التشيللو، مرورا بالموسيقى الصوفية والفلامنكو والأغنيات اللبنانية، تتنوع عروض مهرجانات بعلبك الدولية هذه السنة، وجنسيات الفنانين المشاركين، فيما تشكّل إقامة هذه الحدث الثقافي العريق، الذي أُعلن برنامجه امس "ضوءا في نفق مظلم" يجتازه لبنان، بفعل الانهيار الاقتصادي.
ومن القلعة الأثرية الرومانية في بعلبك، ووسط حضور لافت للسياح، عرضت لجنة مهرجانات بعلبك الدولية، البرنامج الذي يتضمن خمس حفلات تقام ما بين الأول من تموز والسادس عشر منه في "مدينة الشمس" ومعابدها الأثرية.
وقالت رئيسة المهرجانات، نايلة دو فريج في مؤتمر صحافي احتضنته الساحة الواقعة ما بين أعمدة جوبيتر ومعبد باخوس، إن المثابرة على إقامة المهرجانات تعبير عن رغبة "في إلقاء القليل من الضوء في النفق المظلم"، في إشارة إلى الأزمة الاقتصادية التي يشهدها لبنان، وصنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم.
وأضافت: "أردناها احياء للفرح والأمل، ولو للحظات قليلة، في بلد بات في أمسّ الحاجة الى ذلك"، معتبرة أنها تندرج في إطار "معركة ثقافية".
وشددت على أن مهرجانات بعلبك التي أقيمت للمرة الأولى قبل اكثر من 65 عاما، متمسكة "بالحفاظ على هذا الإرث الثقافي" الذي بات رمزا للبنان في ستينيات القرن العشرين وسبعينياته، واستقطب أهم الفنانين اللبنانيين والعالميين، وعنصرا أساسيا في الحركة السياحية.
وتوقَّع وزير السياحة، وليد نصار، أن تكون الحركة السياحية الداخلية "واعدة" هذا الصيف، إذ أن "أعداد الوافدين اكبر مما كانت عليه العام الفائت". وأشاد بالتزام لجنة المهرجانات بتعميم وزارة السياحة للمساهمة في مهرجانات البلدة التي يقام فيها المهرجان وللمدينة، مؤكداً عجز الوزارة من دعم هذه المهرجانات، داعيا أهالي بعلبك للتقدم بملء استمارة لـ نقابة بيوت الضيافة الذي يضم 150 عضوا، لجذب السائحين للنوم والأكل والتسوق في بعلبك ومحيطها.
وأشار إلى أن "الكتلة النقدية التي ستدخل لبنان، تتجاوز تلك التي سجلت عام 2022 وبلغت 6,4 مليارات دولار".
بدوره، أعرب محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر، عن سعادته بالفوز في التحدي للحفاظ على المهرجانات الدولية، خصوصاً في مدينة بعلبك، وعلى الرغم من كل الظروف، إلا أنها تواصل مهمتها الثقافية لتجاوز بعض الأنشطة الفنية وتكون رسالة سياحة ثقافية وثباتاً لبلد ظل يعاني منذ فترة طويلة، متمنياً لأهالي المدينة الاستفادة اقتصادياً قدر الإمكان من ليالي المهرجانات على مستوى الخدمات والسياحة.
وامل رئيس بلدية بعلبك مصطفى الشل ان تكون فاعليات هذا العام بارقة جذب سياحي للمدينة.
وتُفتتح المهرجانات في الأول من تموز ، بحفلة عنوانها "غالا روبرتو بوليه وأصدقاؤه"، تتضمن لوحات رقص باليه، ورقصا معاصرا مع نجم دار "لا سكالا" في ميلانو روبرتو بوليه، يرافقه راقصون وراقصات معروفون. وكان بوليه "الراقص الرئيسي في مسرح الباليه الأميركي في نيويورك من 2009 إلى 2019"، و"يقارن بالراقص (السوفياتي الشهير) رودولف نورييف"، بحسب نائبة رئيسة المهرجانات، جمانة دبانة.
وتطل في الليلة التالية فرقة الكندي الموسيقية الصوفية الحلبية التي انطلقت عام 1983. وترافق منشد الفرقة الشيخ حامد داود مجموعة موسيقيين ودراويش. وقالت دبانة إن "هذه الأمسية بمثابة تحية إلى مؤسسها جوليان جلال الدين فايس، الذي سبق أن قدم حفلتين في بعلبك".
وما يميز الحفلة الثالثة من المهرجان، أنها أنتجت خصيصا لمهرجانات بعلبك، وعنوانها "رووتس إن أور هاندز فروم سباين تو بيروت" للموسيقي الإسباني ناتشو أريماني. ويضم العمل راقصة فلامنكو والمغنية فابيان ضاهر وجوقة جامعة القديس يوسف، إضافة إلى موسيقيين من لبنان وإسبانيا.
والجمهور على موعد مع المغني ملحم زين وفرقته الموسيقية، وستصدح في سماء القلعة أبرز أغنياته القديمة والجديدة.
ويختتم المهرجان بحفلة عنوانها "فودو تشيللو" حيث ستقف على أدراج معبد باخوس المغنية الفرنسية الإفريقية إيماني، يرافقها ثمانية عازفي تشيللو، وهو عرض "يجوب أوروبا، ويحقق نجاحا واسعا"، بحسب دبانة.