شهدت فعاليات اليوم السابع لمعرض بيروت العربي الدولي للكتاب الـ65،سلسلة من الندوات التي نظمها النادي الثقافي العربي وبعض الدورالمشاركة،تمحورت حول إستقلالية القضاء ودورالثقافة والمثقفين في زمن الحرب و140 عاماً على وفاة المعلم بطرس البستاني والدولة المدنية وتحية إلى المطران جورج خضر، إضافة إلى ندوة حول كتاب "مئوية الغربال". وكانت الفترة الصباحية،شهدت نشاطاً ترفيهياً خاصاً بالأطفال من خلال عرض مسرحية "الغراب الأسود" في عرضين، إضافة إلى عرض مسرحية "بابت شو" باللغة الأجنبية.
البداية كانت مع "إستقلالية القضاء"التي تحدث فيها كل من رزق زغيب والوزير السابق رشيد درباس.
زغيب لفت إلى أن القضاء يهدف أولا وأخيراً إلى تحقيق العدالة من خلال توزيعها بين الناس جميعاً،وهو حق من حقوق الشعوب التي يفترض أن تحميها الأمم المتحدة كونها معنية بحفظ السلام والأمن الدوليين، بينما ما يحصل في فلسطين هو مجزرة ظلم للإنسانية ،مستعرضاً تاريخ القضاء اللبناني منذ عهد المتصرفية والقضاة المتميزين ، متحدثاً عن الضغط السياسي الذي يُمارس على السلطة القضائية في لبنان، داعياً إلى الفصل بين السلكين السياسي والقضائي بما يؤمن الإستقلالية.
أما درباس فرأى أن الحجرالأساس في لبنان هو القضاء ويجب أن يكون مستقلاً وأن يضع مسافة بينه وبين السلطة السياسية،وهذا يتطلب زيادة في عدد القضاة كونها حجر الزاوية في هذا المسار، منتقداً إنتشار الفساد في مؤسسة القضاء وصمت هيئة التفتيش عما يجري.
كذلك نظم النادي الثقافي العربي ندوة بعنوان "دورالثقافة والمثقفين في زمن الحرب"تحدث فيها كل من: الوزير السابق طراد حمادة والبروفيسورمحمد طى والدكتورة درية فرحات.
حمادة أشار إلى أن "الأدوات الإدراكية الإنسانية المتمثلة بالعقل والقلب والحدث والوجدان تتحول ضحية من ضحايا وسائل الإعلام المتطورة وقد حملت معها التقنية العالية وفلسفة الإعلام الدعائية مما يفتح أبواب الشك ويجعل الحيرة والظن والتخمين القوة القادرة على الفهم، لكنها غير قادرة على اليقين".
وتطرق حمادة إلى علاقة العمل الإعلامي بالحدث الفلسطيني،معتبراً أن قضية فلسطين في موازين الحق هي قضية عادلة لم يشهد التاريخ المعاصربين قرنين قضية أكثرعدالة منها.
أما الدكتورة درية فرحات، فتناولت المعنى اللغوي لكلمة مثقف والعلاقة بين المثقف والكلمة وإرتباط أدب المقاومة بالصراع العربي الإسرائيلي الذي كان من رواده الأوائل الأديب الفلسطيني غسان كنفاني، مشيرة إلى توسع دائرة الخطاب الأدبي وعلاقته بالحرب والتي لم تقتصر على ما يُنشر في الصحف أو الندوات،بل إن مساحة التواصل الإجتماعي قدمت لها أرضية كبيرة.
بدوره، البروفيسورمحمد طي عرض لجملة من العناوين أبرزها طوفان الأقصى في نظر القانون وطبيعة هجوم 7 تشرين الأول والدفاع عن النفس والدروع البشرية وبداية ونهاية المشاركة المباشرة في الأعمال العدائية وعدم تجاهل مبدأ التناسب، معتبراً هجوم القسام في السابع من تشرين الأول ليس عملا إرهابياً ، بل هو دفاع عن النفس في وجه إعتداء مستمر ومتمادي.
ونظم النادي الثقافي العربي ندوة بعنوان "140 عاما على وفاة المعلم بطرس البستاني" تحدث فيها كل من: الدكتورإنطوان سيف والدكتورهيام ملاط والدكتورخالد زيادة وأدارها سليمان بختي.
سيف إستعرض ما جرى عام 1840 من أحداث،حيث كان بطرس البستاني يعمل مترجماً في السفارة الإنكليزية ثم أصبح معلماً للغة العربية وكانت له علاقات مع عدة شخصيات بارزة وهو من أسس الطائفة الإنجيلية المستقلة وأنشأ مدارس وبرامج تعليم للدراسة باللغة العربية وقام بترجمة عدة كتب ، حيث كان العالم العربي على تحديات مع الحداثة ، كما كان لبيروت دور مهم في إبراز بطرس البستاني.
زيادة قال:"في القرن التاسع عشر أثر الحملة المصرية على بلاد الشام وما أحدثته من تغييرات في المنطقة وإعلان الدولة العثمانية التنظيمات التي أعلنت المساواة بين الرعايا من مختلف الطوائف بما فيها إعلان متصرفية جبل لبنان والتطورات السياسية والإدارية بما فيها إعلان ولاية سوريا من حدود حلب إلى حدود سيناء، ومن المعروف أن بطرس البستاني كان نشر صحيفة "ولاية سوريا" سنة 1865 وكان من دعاة النهضة العربية وسوريا بالنسبة له هي الوطن الذي يتكلم عنه في كل أدبياته".
بدوره،الدكتور هيام ملاط رأى أن نشأة بطرس البستاني كانت خلال مرحلة إنتقالية صعبة في جبل لبنان حيث كانت تُهيمن السلطنة العثمانية.
وتليت كلمة للدكتورة حُسن عبود نظراً لوجودها خارج لبنان.
ونظم دار سائرالمشرق ندوة حول كتاب "الدولة المدنية حقيقة دستورية في لبنان" شارك فيها كل من:عضو المجلس الدستوري ميراي نجم شكرالله والنائب إبراهيم منيمنة والأستاذ الجامعي جهاد نمور.
شكرالله قالت: "نحن اليوم أمام طرح مختلف يعرضه الدكتور وسام اللحام في كتابه وأبرز ما يلفت القارىء هو العنوان الذي يتكلم عن حقيقة دستورية، فالدولة المدنية بحسب صاحب الكتاب ليست وهماً ولا مشروع مستقبلي ، بل هي حقيقة منصوص عليها في الدستور والمطلوب العودة إليه"،مشيرة إلى أن الدولة المدنية هي حقيقة دستورية لكنها واقع منقوص ، وتستلزم تكريساً في النصوص التشريعية ، لا سيما لجهة وضع قانون الأحوال الشخصية المدنية ولو إختيارياً.
أما النائب إبراهيم منيمنة، فأشار إلى أن اللحام تحدى عبر كتابه مفاهيم دستورية سائدة لدى اللبنانيين حول طائفية الدولة التي هي في غالب الأحيان لا أساس لها من الصحة، خصوصاً أن الطبقة السياسية الحاكمة أشبعت الناس خطابات شعبوية فارغة حول الطائفية وسمومها،معتبراً أن خلاص لبنان يتطلب إستعادة الدولة من خلال توحدنا حول الدستور والقانون محصناً بقوى سياسية وطنية تسعى وتعي تكريس قيم المواطنة والمساواة وحكم القانون الذي نحتاجه لإدارة الشأن العام.
من جهته،تساءل نمورعن سبب عدم إعتبار البعض أن الدولة اللبنانية مدنية؟ مشيراً إلى أن قوة كتاب اللحام تُظهرللقارىء وتقنعه بأن الدولة اللبنانية مدنية،معتبراً أن السلطة في لبنان هي بيد رجال الدين.
كما نظم النادي الثقافي العربي "تحية إلى المطران جورج خضر" تحدث فيها كل من:حسن داوود ومارلين كنعان.
داوود قال: "إن المطران جورج خضر كان أستاذنا وكان يرى في المودة التي جمعت بيننا صداقة ، وكنا نخشى الإقرار بذلك خوفاً من أن نُرى بأننا مدعين، هذا المطران الذي أضاف إلى موقعه ميراث كبير وحضوره الشخصي وكاريزماه،كان يرشدنا إلى وجود الشخص".
من جهتها كنعان، رأت أن المطران خضر درس الحضارة العربية الفلسفية وهو مفتون باللغة العربية وحمل لقب قديس بار وعُرف بفصاحته وبلاغته وتتبع كلمة الحق، وله مقالات فارقة في كتابات العرب.
كذلك،نظم النادي ندوة حول كتاب "مئوية الغربال" تحدث فيها كل من:ميراي شحادة والدكتورمحمد أبوعلي وسهى نعيمة وسليمان بختي.
شحادة قالت:"إن من غربال ميخائيل نعيمة رؤية وقيم منذ العام 1923 إلى يومنا هذا"، داعية إلى إدراج الغربال في الدستور اللبناني وجعله من قيم مفاهيم الهدى لساستنا قبل الأدباء، كما الدعوة إلى الإنتماء إلى مدرسة الغربال والمثابرة في نتاجنا الثقافي والمعرفي والوطني والسياسي.
أما الدكتورأبوعلي فقال: "ينبغي الوقوف أمام حقيقة أن من كتب الغربال هو شاب في العشرينات من عمره،تناول الشعر والأدب والنقد واللغة".
بدورها،حفيدة نعيمة سهى التي وصفت جدها بأنه رسول الكلمة الحرة،إقتبست مقتطفات من الغربال وكذلك من قصائد لجبران خليل جبران، لتؤكد أن كتاب الغربال هو منارة لكل الأجيال لأن محوره الإنسان.
ورأى بختي أن ميخائيل نعيمة سدد نقده نحو المعنى والإصلاح، وهو من صحح مقاييس الأدب والحياة.