استبق الذين حضروا حفل توقيع نقيب الأطباء الأسبق شرف أبو شرف قراءة المضمون فعلق بعضهم على العنوان "لبنان في اللهب" فقالوا له "تأخرت لأن لبنان التهب". لكن الجواب يأتي مباشرة في مقدمها الكتاب بعنوان "واقعنا ليس مستحيلاً". ومما فيها:
أمام ثمانين سنة من الاستقلال، أراني متكئاً في كتابي على الأزمنة والأحداث التي عشتها، محللاً ماضٍ مستمر. وحاضر مكمّل لماضٍ سبقه، ومستقبل غامض يحاول النهوض الى حيث يشاء بإنسانية حرّة، وعقلانية، أساسها الأخلاق والمعرفة والكفاءة.
لقد طال أمد أزماتنا الكيانية وثوراتنا السياسية، الاقتصادية، الاجتماعي والثقافية، وانهيار أنظمتنا المالية، التربوية والصحية، في ظل دويلات الطوائف المنعزلة عن الحياة، وبات إصاح الواقع المرير منطقية، بواسطة الفكر والبراهن، إيماناً منا بقوة الثقافة وسلاحها الأمضى في سبيل تغيير السياسة التي نتبعها. ولكن أنّى السبيل الى تحقيق الاصلاح بالامكانيات المجرّدة والفعليةن وكيف لنا أن نتخطى حواجز الفساد والاستبداد، واستنهاض جيل دمره اليأس أمام صخرة واقع بلدنا المرير. كيف نصل مثلاص الى مفهوم واحد موحّد المواطنية، وندعّم العيش المشترك في زمن انطفاء السياسة، وتداعي الثقافة والعلم والاخلاق؟
"كل ما في الحياة ليس غريباً عنا". يواسينا هذا القول لكارل ماركس، ويعيدنا الى مسؤولية المثقف السياسية والثقافية،وتفاؤل الإرادة في مواجهة تشاؤم العقل. لقد صادرت السلطة بعد إتفاق الطائف، لعقود من الفساد والاستبداد، الحاضر والمستقبل. لذا وجب توفير الأ<واء العلمي والأخلاقية والطرق الديمقراطية، وفتح الباب امام معارضة بنّاءة والخروج من الحكم التوافقي المفكك.
واقعنا ليس مستحيلاً. علينا مواجهته بقوة الإرادة والكلمة الحرة، احتفاءً بكرم الحياة، واتكاءً على قيم الصدق والنزاهة، وجعلها سلوكاً، ممارسة ونمط حياة، وصولاً الى الاستقلال الحقيقي السيد الحر والدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، والحقيقة اللبنانية التي ننشدها جميعاً والتي يحتاجها تجديد لبنان بعيداً من لغة المجاملات.
ثمانون سنة من الاستقلال، وما زلنا مشتتين بين شرق وغرب، ومحاصرين بالفساد والإستبداد.
إن فظاعة العدوان الإسرائيلي الوحشي على غزة، وتشتت الموقفين الفلسطيني والعربي، يحملانا على ضرورة تضامننا، وتعزيز أواصر مؤسسات الدولة، وانخراط المثقفين وأهل الفكر والعلم والعمال في عملية الإصلاح، حتى نتمكن من الوقوف سداً منيعاً في وجه أي عدوان يستهدفنا بالإبادة أو المذلة.
نعم، لقد طال احتضار بلدنا وبات وبات النهوض به أمراً طارئاً، فلنندفع يداً واحدة. مؤمنين بالله وبلبنان أحراراً كراماً نحو مستقبل واعد، وإلا أصبحنا خارج التاريخ...".
كتاب أبو شرف الجديد صادر عن كلمة Calima art Liban. ولوحة الغلاف بتوقيع كريمته ياسمينا ابو شرف التي تتمتع بحس مرهف تعبر عنه بفن أصيل راق.
يذكر أن عدداً من المقالات كانت نُشرت في "النهار".