النهار

رسالة إلى سعدي يوسف
الشاعر سعدي يوسف.
A+   A-
بادر سيف
 
قال سعدي يوسف
"كانت حقيبتها الخيش خارج غرفة نومك
ثم أخذت تهبط السلم الأخضر"
سلامي إليك أيها الشيوعي الأخير الساكن جنة الشعر
سلام حار لا يربك النوق
لما تغوص في صحراء المجيء إلى واحة الفكر
سلامي ليس وهن ليل أو نجما يغازل ارض الغسق
سلام اخضر اللون
وحمراء شفاهه كبنت تراقص ظل طاووس صغير وابيض
فلا تقل للتي تعاشرها إني أناديك من الجزائر
لا تقل لها إني أردد كلماتك
كلما نصب الضيق بصدري هدهده الثرثار
يوما ما سنلتقي
إما في مانشستر أو في بونة أو في بغداد
نلتقي كي لا تخذلنا غابة النسيان وترمينا إلى ذئب جائع
فيا من يضيء ليل وحدته بأقمار عاشقة لمثلث برمودا
ويا أيها السراب الذي كلما دنوت منه حسبته قدحا من مخطوط أميري
انظر إلى أول الخجل لأنه من ذهب
وانظر إلى آخر المسيرة تجدها إن شاء سوق نخاسة من مديح وهجاء
... قبل يومي كنت مكبلا بماء اللغة الجاثمة على صدر البخور
وكنت شبيه نبي ينتظر يوم الجائزة
لكنك تقيم بين الهدب وذاكرة معتمة الجهات وثوان احسبها خضراء خضراء
فليسافر أبو فراس وحيدا إلى مهبط الوحي وعصارة الفخر المسجى بعسل الغريزة
أما زمن التهليل والتهويل
فأنام عاري العينين
ما بين دجلة والفرات
كل يوم أودع حلما يسكن ضفاف النضال والتحرر من شرنقة الغضب
لذا أهدي اليك نملة باسمة من بحر يغازل فرعون المرحلة
ودربا يتهيأ ليحمل امة بين كفيه
... هنا المغني يصدح كشحرور جفاه النوم
والعروبة من الخليج إلى المحيط كقلادة هبنقة
أو كضباب اسود ينتشر على زجاج نافذة الحبيبة
وأنا مغرم بأفلام الكارتون،
أحب أيضا المساجد وكتب السحر الأسود
أحب الوصف المدقق للأمور
وما أهمله التاريخ
أحب جمع القواقع والنضال من اجل الأمن الغذائي
أحب أمي وأبي وابنتي تسنيم وأكثم المدلل
أحب وصايا الرسول (ص) لابن عمه علي
وكلما أتيحت الفرصة أطبقت راحة اليد
كثور يخور من ضربة موجعة وأنام
 
العروبة يا بنت الكلب
ماذا جنيت من حبي لك
غير مساحة قبر مهيأ لاستقبال قمر مشع في سماء شاسعة
أما الكتابة عن الحب فقد تخطت نهر الغوايات
سكنت زمن الانتساب إلى الجيش الانكشاري
لذا سأبتعد قليلا عن الثغر المصقول بفعل الأشرعة
انصب خيمة تحت الشمس، شمس الفكر، وأنعش ساقيا
عربي أنا يا يوسف، لكنني من هشيم الكذب كطباخ ماهر يلوث جوع زبائنه بأسعاره الملتهبة
عربي يحرس زيتونة الشرق المعربد
أما أمي فمن طينة العمائم المذهبة بزهر التفاح
كان يركبها أبي سفينة الحب إلى مدرسة الذهول ومواويل الشواء السوري
........
........
فيا أيها الرجل المطارد من ربيع يابس إلى صيف كله نوء وقطن مجفف
سأجعل منك أول العرب وآخر من يؤمن بأقنوم التسامح
الآن ادخل حديقة كالاما بكتبك الباهظة الثمن
يصيبني ما يشبه موجة عصيان للثقافة العربية
أما زهرة الشباب فاستلّها من سم جيبك النائم في عطلة طويلة الأمد
تلفحني نسائم الصدف من خلف زجاج العين
لأطلع احمر الأعماق
مبتل الجبين
والمرأة الجميلة معلقة تجتلي سماء غصينة
تستنشق عطر زوارها المبهورين بأقواس قزح
يا يوسف ألم تر على الأقل كوكبين أملسين ساجدين أمامك
ألم تسأل نفسك لما يبغضك الإخوة
ولمَ قُدَّ قميصك من دبر؟
في السر تشبه خلسة أبيك
أما في العلن فرشّاش لا يهدأ
لذا أحبذك عند مدخل خمارة القط الأسود
أحب قصائد البارود والفانتازيا
قبري يا يوسف أراه محاطا بأكاليل الزهور والسناجب الرشيقة
دربي ملوم
والبرج الذي اسكنه يشبه مفترق الطرق
لا هو صعب ولا هو سهل
وكلما حاولت رسم شعثك
أصبت بلوثة الأسماء
تغتالني المسافات
ترميني إلى حمى الشطآن
سعي يوسف ينام على هضبة المونمارتر وحيدا وحيدا
………………..
……………….
حط المساء بحيراته مسرعا
حلت كوابيس الطين بسياط من عرق
شقف التفاحة محا آثار النوع
والشوق من ورق
جرف الغسق يستلهم منحاه الغاضب من شأن المحيطات وشجر الزقوم
هي كلمة الأرض قيلت لنا
أيضا جسر الكنايات مزركش بندف الصراصير البهيجة
اغرق الماضي في عشبة البحر
صوت فنن يردد آهات فيروز لما تصاب بحمى براءات الانتظار
والسؤال الألثغ يجتر الغضار الأزرق ويبول على جفن المستحيل
أهداب البقعة الآدمية موشاة بحناء التباريح والانصراف إلى مشاغل الملوك
بصوت جهوري يوقظ قطط المسارب
باكرا بلون بني يميل إلى الحمرة كعنب الرابية الخضراء؛
أما الصباح المفدى فيولد من أغاني الصبيان المولعين بالجري وراء جلد منفوخ
ومن خطى الشمعدان صوب دمعة مسافرة مع نهر التمني
فيا يوسف سعدي قف مكانك،
لأنهي مغامرتي معك ببسمة الغواية
وقطاري هادئ المسير كسنجاب ينط من جميزة الجارة إلى حائط النبض.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium