اختُتم مهرجان "بيروت كتب" بعد أسبوع حافل بالنشاطات الثقافية المتنوّعة الفرنكوفونيّة، وبمشاركة مئة كاتب فرنكوفونيّ من مختلف أنحاء العالم.
وميّز المهرجان قبيل افتتاحه إعلان انسحاب أربعة من كبار الكتّاب الأعضاء في الأكاديمية الفرنسية، وهم إريك إيمانويل شميت والطاهر بن جلّون وباسكال بروكنير وبيار أسولين، عقب سجال بينهم وبين مثقفين لبنانيين، من بينهم وزير الثقافة محمد وسام المرتضى، حملوا على داعمي الصهيونية بين الكتاب الفرنكوفونيين، ليرّد بالمقابل الروائي الفرنسي، المغربي الأصل، الطاهر بن جلّون، قائلاً: "أنا لست صهيونياً وأحبّ لبنان! لكنّنا في بلد تسوده فوضى كبيرة ويفتقد إلى الأمن، اغتيل فيه كُتّاب وصحافيّون، ناهيك برئيس جمهورية، في وضح النهار".
لكن هذا القرار المفاجئ لم يوقف النشاطات، واستكمل المهرجان ندواته المتعدّدة الغنيّة التي نالت إعجاب المثقفين.
وهذه أبرز محطات ميّزت هذا الحدث الثقافي:
إعلان أسماء المرشحين لجائزة "غونكور" من بيروت...عاصمة الثقافة
(تصوير مارك فياض)
في قصر الصنوبر، حدثٌ ثقافي في لبنان والمنطقة تمثل بإعلان رئيس أكاديمية غونكور، ديدييه دوكوان، ولجنة التحكيم، المجموعةَ الأخيرة من الكتّاب الأربعة المؤهلين لنيل جائزة غونكور الأدبية المرموقة لسنة 2022 على أن يتم إعلان اسم الفائز بها في 3 تشرين الثاني المقبل في مقهى دروان الثقافي الشهير، والمؤهّلون هم:
جوليانو دا إمبولي وكتابه "ساحر الكرملين" الصادر عن دار "غاليمار".
بريجيت جيرو وكتابها "العيش بسرعة" الصادر عن دار "فلاماريون".
كلوي كورمان وكتابها "أشبه بالأخوات" الصادر عن دار "سوي".
الروائي ماكنزي أورسيل وكتابه "الرصيد البشري" الصادر عن دار "ريفاج".
إلغاء مشاركة وجدي معوضّ قبل ساعات من اللقاء
(الرسالة النصيّة)
ألغى الكاتب الفرنسي، اللبناني الأصل، وجدي معوضّ مشاركته في إحدى الندوات المرتقبة قبل ساعات قليلة من اللقاء المنتظر، وكان سيقدّم برفقة عدد من الممثلين محاضرة على المسرح.
جاء في رسالة الاعتذار التي أرسلتها مكتبة أنطوان: "يتأسّف وجدي معوض عن إعلان عدم حضوره لمهرجان "كتاب بيروت" جراء التزامات مهنيّة في باريس، ومن المقرّر تأجيل اللقاء إلى وقت يحدّد لاحقاً".
تجدر الإشارة إلى أنّ معوضّ مخرج وكاتب مسرحيّ، ولد في لبنان في العام 1968، وأجبر على الفرار جراء اندلاع الحرب الأهليّة، فاستقر في فرنسا، حيث يُدير حاليّاً المسرح الوطنيّ الفرنسيّ في "كولين".
المحاكمة الكبرى للأديبات
"هل القراءة خطرة؟ هل رجال السياسة في لبنان يقرأون الكتب؟ علماً بأنني أستبعد هذه الفرضية، أُراهِن أنّها كتب مكتوبة بيدّ رجال".
هكذا اختُتمت ندوة يوم الجمعة مع الكاتبة اللبنانيّة هيام يارد بمناسبة مهرجان بيروت للكتاب.
وتمحورت الندوة حول إجراء "محاكمة كبرى" صوريّة للأديبات، نظّمها "برلمان الأديبات الفرنكوفونيات"، الذي أصدر حكماً غير واقعيّ يتمثل بسؤال: "هل تشكّل النساء اللواتي يكتبّن خطراً؟".
خلال الندوة - المحاكمة، تم استدعاء شهود، وهم أديبات من حول العالم، لعرض شهاداتهن أمام هيئة المحلّفين، ولمحاولة الإجابة عن سؤالين أساسيين: لماذا تشكلّ الأديبات خطراً؟ وبالنسبة لمن تحديداً؟
سافر برلمان الكتاب الفرنكوفونيين مسافات للتعبير عن تضامنه مع الكاتبات والنساء اللبنانيات بمشاركة نساء من البلدان العربيّة كافة، الغربية والأفريقية.
رواية "روابط مصطنعة" لناثان دوفير تفوز بجائزة "خيار غونكور في الشرق" لعام 2022
قلّد الكاتب الفرنسي ناثان دوفير جائزة "خيار غونكور في الشرق" للعام 2022 لروايته "الروابط الاصطناعية"، خلال حفل نظّمه كلّ من الوكالة الجامعية للفرنكوفونية في الشرق الأوسط والمعهد الفرنسي في لبنان، وعقب مشاورات جرت مع هيئة التحكيم الطلابية الكبرى للجائزة الأدبية الإقليمية. اختير الكتاب الفائز في الجولة الثانية بأغلبية 19 صوتاً من أصل 36 صوتاً، بمشاركة ممثلين من 32 جامعة في 12 دولة في الشرق الأوسط، كان أبرزهم الكاتب أوليفييه رولين.
تُستهل الرواية بانتحار الشخصيّة الرئيسّة "جوليان"، الذي ألقى بنفسه من النافذة مباشرة على مواقع التواصل الاجتماعي. فما الذي دفع معلّم البيانو الشاب الغامض هذا إلى هذه اللفتة اليائسة؟ ولماذا شارك لحظاته الأخيرة مع الآلاف من مستخدمي الإنترنت؟ لمعرفة ذلك، سنعود إلى الوراء. نعلم أنّ جوليان مدرّس بيانو يعيش في استوديو في منطقة رونجي، بعد أن عاش في باريس مع صديقته، التي انفصلت عنه. في المقابل، نتابع شخصية أخرى "أندرين" الذي يعمل على تطوير عالم في "الميتافيرس" اسمه "أنتي موند"، والذي دخل إليه "جوليان" عبر شخصية افتراضية "فانغيل"، وهو شاعر، وسيغرق تدريجياً ليلاقي حتفه.
تأخذنا الأحداث عبر العالم الجديد ويحاول الكاتب نتان ديفيرز (24 عاماً) أن يظهر العلاقة بين الواقع والافتراض وتأثيره على حياتنا اليوميّة.
ذكر المؤلّف ناتان دوفير في إحدى مقابلاته في جريدة "لا كروا" الفرنسية أنه "عندما بدأتُ كتابي، أدركت سريعًا أنني اخترت أكثر موضوع معاد للأدب: عالم الشاشات، متسائلاً عن كيفية بناء حبكة تجري حوادثها في لعبة فيديو، أو حتى عن كيفية إنشاء نمط من كتابة النص؛ كلّ ذلك في وجود تعليق "لول" أو رموز تعبيرية أخرى، مع التشديد على أنه منذ الصفحات الأولى للروابط الاصطناعية، ثمة مواجهة واضحة بين لغتين متعارضتين من حيث لغة السّرد والنمط العام لكلّ منهما"...
تحية لشارل قرم... صاحب رؤية للفكر اللبناني الوطني الريادي
(تصوير مارك فياض)
كان شارل قرم صاحب رؤية. هو رجل مستنير بالمعنى النبيل للكلمة. ترك بصمته في أكوان مختلفة. ترسم تلك الرؤية الفكرة اللبنانية وإن كانت منبثقة من فكره الوطني الطليعي.
شارل قرم هو الاسم العلم، الذي نظّم مركز التراث اللبناني في الجامعة الأميركية اللبنانية في بيروت حلقة أدبية جاءت تحيّة للمفكّر اللبناني شارل القرم (1963-1894)، وهو نشاط أدبي يندرج في المهرجان الثقافي "كتب بيروت" المنظم من السفارة الفرنسية في لبنان ومركزها الثقافي.
من إيجابيات هذه الحلقة الأدبية أنها عكست اهتمام الجامعة الأميركية اللبنانية بكلّ ما هو ثقافيّ ومفيد للبنان حتى لو كان صادراً باللغة الفرنسية، ممّا يعكس حرص الجامعة على التنوّع الثقافي، وهو مصدر غنى للبنان.
رحلة العمر مع "الملك" أنطوان كرباج
لا يمكن تعريف الثقافة للمُشاهد من دون تعريفه بمبدعيها، ومنهم الممثل الكبير أنطوان كرباج. خصّ برنامج المهرجان الثقافي العريق "كتب بيروت" كرباج بمحطة، من خلال مسرحية إذاعية هي الأولى من تأليف ابنه مازن تحكي زيارته الأخيرة لبيروت في نيسان الماضي، وعلاقته بالمدينة وبوالده بين الأمس واليوم...
غصّت قاعة مسرح المدينة بجمهور فرنسي ولبناني. شباب وراشدون جاءوا ليستعيدوا مجد أنطوان كرباج، أحد أعلام الحركة المسرحية والتمثيلية في لبنان والمنطقة في زمن طبقة حاكمة تمتهن التمثيل الرخيص والخبيث على ناسها.