نظم الشاعر سعيد عقل هذه القصيدة عام ٢٠٠٦ بمناسبة إقامة حفل تذكاري للأستاذ لويس ابو شرف الوزير ونائب كسروان السابق و الأديب و الخطيب، في جامعة الروح القدس في الكسليك- جونيه صيف العام نفسه. لكن تم تأجيل ذلك الحفل لأسباب امنية، وحالت الظروف لاحقًا دون اقامته.
و هي تنشر للمرة الاولى:
ألسَيفُ، إنْ تَخطُبْ، يَـمُرَّ بِبالِيا
أبِأيِّ إِذْنٍ ها أتانِـيَ باكيا؟
في رَحْبِ زَحْلَ وُلِدْتَ، سَلْ هَضَباتِـها
أعُلُوُّ رأسِكَ زادَهُنَّ تَعالِيا؟
فَجَّـتْكَ قُنبُلَةٌ، صَرَخْتُ:"تُرى الصِبى
مُرْمىً على سَهلِ البِقاعِ أمامِيا؟"
فَجَّتْكَ قُنبُلَةٌ، أصِنِّينُ انْـحنى
يَرْثي أخاهُ أمِ انْـحنى مُتَداعِيا؟
فَجَّـتْكَ قُنبُلَةٌ، سألْتُ نُثارَها:
لِـمْ ما بُدِلْتَ مَطالِعاً وقَوافِيا؟
*
ما لي ذَهَبتُ ذهابَ مَنْ عاش الضَنى
وأنا مُلاعَبَةُ الصِعابِ حَياتِـيا؟
وَحَبَبْتَها أنْتَ الـحَياةَ قصيدَةً
هِيَ أَنْتَ إذا ارْتَـجّـلْتَكَ غالِيا...
لـي مَعْكَ يَومٌ نُبْلُهُ لا يُنْتَسى...
أنا لاِبْنِ نُبْلٍ خُذْهُ قَلْبِـيَ جاثِيا...
بيروتُ كُنْتَ بِـخُطبَةٍ أسْكَرْتَـها
وأُطِلُّ؟... ها خَلَّيْتَها سَكْرى بِـيا.
قالوكَ تَعْرِفُ أنْ تـُحِبَّ كَما وَلا...
لأقَـلُّ بَـحْرِكَ أرْتَـجيهِ عُبابيا!
أأنا حُساماً قُـلْتَنـي؟... لا تَتَّضِع.
ستَـظَلُّ لـي أنتَ الـحُسامَ الـماضيا.
خُضنا الزمانَ مَعًا مَـجالاً يَزْدَهي
أنا أنتَ جَنْبـي؟... الدَهرُ صارَ ثَوانِيا...
لَكأنَّـها الدُنيا بِنا مَغوِيَّةٌ
تَرنو إلَينا لا تَرومُ تَغاضِيا
مَرَّتْ تُصافينا فَرائدُ عِزِّنا
رَمَتِ الزَمانَ على الزَمانِ مُصافِيا
أوَهُنَّ بَعضُ حِسانِ زَحلَ تَمايُلاً،
أوَهُنَّ بعضُ حِسانِ زَحْلَ تَباهِيا؟
نَعَمًا" بِكُلِّكَ كُنتَ، ما مَسَّتْكَ "لا"
أَبِكُلِّكَ؟... اقْبَضْهُ السُكوتَ أغانِيا
أنا ما عرَفتُكَ رِفقةً وصداقةً
لكِنْ عَرفتُكَ عِزَّةً تُروى لِيا
تَـمْشي على قِمَمِ الـجِبال كأَنْ على
بَعْضِ الـحَصى تَرْنو إلَيكَ مُدارِيا
هذا يقولُكَ نَـجْمَةً رَشَقوا بـِها
هذا يرى بالرَشْقِ مِنْكَ تداوِيا.
تُعطي وَلا تُعطى كأنَّكَ لَفْتَةٌ
مِنْ وَجْهِ رَبِّـكَ تَسْتَطيبُ تَعاطِيا
*
فَقْرٌ طَغى يَبْلو الضِعافَ بِآهَةٍ؟...
مَزَّقْتُهُ أُعطي الفَضاءَ ضِيائِيا
كُنْ غَيرُ غَيْرُ إذا حَكَمْتَ، الحُكْمُ ما؟
هُوَ أنْ تُـخَلِّيَها البِعادَ دَوانِيا
في الـحُكْمِ أنْتَ وَثَـمَّ فَقْرٌ؟ خُذْكَ لا
إلاّ الوَضيعَ تَرَكْتَ عَقْلَكَ داجِيا.
عَرَفوكَ... زاوَلْتَ السياسةَ حِقْبَةً...
كُنْ مُشْفِقاً... ظَلَّت كأنْ هِيَ ما هِيا
إمّا العَطا مِن غَيرُ، ها هوَ مِنْ أنا
لا قَصَّرَتْ هِمَمي ولا أعمالِيا.
هذي سَـمِعْتُكَ تَزْدَهي وَتَقولُـها
لَكأَنَّكَ الـجَبَلُ اسْتَهَزَّ رَواسِيا.
ماذا الحَياةُ؟ هوَ السُؤالُ ولا سِوى
صَعُبَ الـجـَوابُ؟ فَرَضْتَ عَقْلَكَ لاهِيا
كُلُّ الـحَياةِ الفَرْقُ بَيْنَ أنا أنا
أُعطي وَأُعْطي لا أنا أُعطانِيا
مُتَطَلِّبٌ مِنْ غَيرُ؟ دَعْ... كِبَرٌ أنا
مُتَطَلِّبٌ أبَداً أنا مِنْ ذاتِيا
وإنِ الـجمالُ قداسةٌ، يا عُظْمَها!
لكأَنَّ وَجْهَ الله وَجَّ قِبالِيا
*
لَكَ في القصيدةِ رَنَّةٌ أحْبَبتُها
يُفدى الرَنينُ بـِها تَرَنَّحَ حاليا
لَكَ كانَ حَرْفُ الدال حَرْفَ غِوىً
إنْ أنتَ تَلْفِظْهُ تأرْجَحَ غاوِيا
والضادُ تَلْفِظُها كأنْ جَيشٌ مَشى
بِضَجيجِهِ مَسَح الـجِنانَ بَرارِيا
وإذا يَـمَسُّ الـمَوتُ خِنْصِرَكَ، ابْتَسِم
ما الـمَوتُ إمّا مؤْمِناً بإلـهِيا؟
لا لَـمْ تَغِب، هاني أراكَ كأرْزَةٍ
نَبَتَت تُطالِعُني بـِحَجْمِ خَيالِيا
أَوَسائلي: الكُرَةُ ارْتَقَت؟... رَدّي: ارْتَقَتْ
بَشَعُ الـحروبِ غَدا الـمـَرامَ الآغِيا
وَعُلُوُّ صَوتِكَ لا يُقِرُّ حَقيقةً
وَبِبَسْمَةٍ خَرْسا تُـخَرْسِنُ باغِيا
لَـمْ يَكْتُبوا سَطْراً بِـمَدْحِ مُصاخِبٍ
عَبَدوا هُدوءَ الليل يَفْتُنُ ساجِيا
والصَوتُ صارَ عَلَيهِ أنْ لا يُرْتَـجى
إلاّ خَفيضاً لِلسكوتِ مُساوِيا
بَلَدٌ يُـحَرَّرُ لا بِـحَربٍ... مَرَّةً؟
خُذْها الـمِرارَ أواتِياً فَأواتِيا.
الـحَرْبُ مُنْذُ سِنينَ قَلَّتْ صُنْعُ مَنْ؟
صُنْعُ البِدائيِّ الذي فَقَدَ الـحَيا.
إنْ لـَمْ أجِدْ أنا ما يُبَرِّئُ ظالِمي
قُلْني بَقيتُ مِنَ العُصورِ خَوالِيا
لِلواقِعِ البَشِعِ الْتَفِتْ بِتَسامُحٍ
قُلْ سَوفَ أقْطِفُ مِنْكَ حُلْمِيَ زاهِيا.
*
يَبقى لَنا مِنْكَ الكَثيرُ؟... أبَيْتُها.
يا كُلَّكَ، ارْشُقني بِكُلِّكَ باقِيا.
يا مَنْ بَعَلْبَكْتَ الحَياةَ، ألا اذَّكِر
أنْ كُنتَ مَرجوًّا بـِها لا راجِيا
شِعري لأنْتَ جَمالُ رَنَّتِهِ ابْقَهُ
إنْ لا؟ تَوَجَّع كُلُّ شِعرِيَ واهِيا
أنا مُوجِعي أنْ أنتَ صِرْتَ قصيدَةً
وَلَوَ انَّـها صُكَّتْ غِوىً وَدَرارِيا
أنا صَفْقَتانِ قَصيدَتي، كِبَري وَأنتَ...
عَرَفْتُها؟ خُذْهُ الزَمانَ زَمانِيا
لَـمْ يُعْطَ قَبْرُكَ أنْ يراكَ بـِخُطْبَةٍ
أسْـمِعْهُ عَنّي هذهِ مُتَجاهِيا:
يَوماً، وَتَخطُبُ، جَبْهَةٌ لَكَ في الفَلا،
مَنْ قِمَّةٌ؟ صِنّينُ، قُلْتُ، وَهذِيا.
*
مُتَخَيِّلٌ أنا أنْ ستَسْألُ ما تُرى
لُبنانُ؟ خُذْهُ الرَعْدَ مِلْءَ جَوابِيا:
لُبنانُ، مُلْتَفِتاً إلَيهِ اللهُ مَنْ؟...
لُبنانُ هذا كُلُّ كُلِّ سَـمائِيا.
يا مَنْ عَرَفْتُكَ رانِياً صوبَ العُلى،
صَوبَ العُلى في القَبْرِ ظَلَّك رانِيا
أَبْعِدْ صَغارَةَ مَنْ يقولُكَ بائداً
خُذْ مِنْ جَـمالِ اللَيْث زأرَكَ ضارِيا
ماذا إذا رَبّي ارْتأى أعجوبَةً؟
وَتُطِلَّ أنتَ على الـحشودِ مَكانِيا؟
وَتَروحَ تُكْمِلُ أنتَ أنتَ قَصيدتي
لِيُطِلَّ أجْمَلَ ما يكونُ رِثائيا؟
وَنَكونُ وَفَّيْنا الأُخُوَّةَ حَقَّها
مَـجْدٌ إخاؤُكَ يَلْتَقي بإِخائيا...
خُذني إلى زَحْلَ الـجمالِ وَنـَهرِها
أنا مَنْ؟ " أنا نَهْرُ الرِجالِ رِجالِيا"
في الأرضِ فَلْيَكُ مِثْلُ ما هُوَ في السَما؟
يا آيَةَ الآيات دُمْتِ مَلاذِيا.
صَلَّيْتُ... ها تاجِي أتاكَ قَصيدَةً
يُرمى على دَرَجاتِ قَبْرِكَ تاجِيا.
وَسَـمِعْتُهُ يَومًا يُدَلِّلُ رَبَّه:
رَبّـي، لأنتَ هوايَتي وَهَوائِيا
ولأنَّكَ الـمُعْطي الـجِبالَ قَداسَةً
نَزَلَتْ سـماؤُكَ تَزدَهي بِـجِبالِيا.
16-5-2006