عكست تجربة "نحن نصمّم بيروت" تفاوتاً في المستويات بين 33 مصمّماً لبنانياً، منهم اثنان أجانب فقط، ينتمون إلى جيل محترف جداً، ومن آخر أقلّ شهرة في عالم الديكور، في تعاطيهم مع تطوّر صناعة 100 قطعة مفروشات بنمط "ديناميكيّ" لأقسام الاستقبال في المنزل، وما يرافقها من أكسسوارات أنيقة وعصرية جداً مكمّلة له من سجّاد، ثريات ومصابيح ملوّنة ومضيئة على شكل فطر ومقاعد، أو طاولات وما سوى ذلك.
استمرت هذه التجربة، التي استنهضت شعار "صنع في لبنان"، من خلال جملة معارض، كان للشباب محطة فيها بعرضهم مشاريع شركات ناشئة نابضة بالحياة، وإعادة التدوير في القطاع الصناعي، وصولاً إلى معرض لإحياء الحرف التقليدية وتنشيط هذا القطاع، وفرصة التشبيك بين التقليدي والعصري والتعرف على عملاء جدد.
قبل الحديث عن جولتنا على بعض المعارض، أكّد أحد منظّمي هذه التجربة، سامر الأمين، لـ"النهار" أنه "والسيدة ماريان وهبة عملا على تنظيم هذه التجربة بنسختها الأولى، ففرضت نفسها لاستنهاض القطاع بكلّ متفرعاته؛ وذلك بعد الانهيار الاقتصادي في العام 2019. وقد ترجمت عملياً في 6 معارض جماعية، منها ثلاث زيارات ميدانية إلى كلّ من محترف مصمّمة الديكور ندى دبس، ومعرض سجاد "إيوان مكتبي"، و"مبنى إنترديزاين" الموحش، من خلال إحياء ذاكرة المعماري خليل خوري، الذي صمّمه، بجهود من ابنه برنار".
برزت علاقة وطيدة ومتكاملة بين الإرث المعماري لفيلا عودة في الأشرفية والـ100 تصميم لمفروشات حديثة موزّعة على طابقي هذا المكان، ممّا يُبرّر اختيار عنوان "أصداء الماضي" للمعرض نفسه.
عرض القيّمان على المعرض، جوي مارديني وويليام وهبة، لـ"النهار" أهمية أسماء لامعة في هذا العالم من أمثال ندى دبس، التي اختارت مجسّماً خشبياً صغيراً من النجارة العربية، معروف بالمشرّبية، لتضعه في قلب المقعد الخاص بكنبة بيضويّة من تصميمها، إضافة الى استخدام جورج محاسب إيحاءات الحجر بلمسات جميلة كمادة حيّة، فيما تركّز كارين شاكرجيان على الرّخام الخفيف والثقيل في تصميمها.
انتقلنا إلى مصنع أبرويان في برج حمود. وضع طلاب الهندسة المعمارية والتصميم في جامعات عدّة، هي: الجامعة الأميركية، الجامعة اللبنانية الأميركية، جامعة القديس يوسف، والأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة "ألبا"،... تصاميم لبيوت، تلحظ مثلاً -كما هي الحال مع طلاب الجامعة الأميركية- تأثيرات العوامل الطبيعية في العمارة، والطرق المتّبعة للتخفيف من التلوّث، وتفاعلها مع الشمس والنور مثلاً.
في قسم آخر من مصنع أبرويان مشاريع " ستارت آب" للشباب من خلال إعادة تدوير موادّ عدّة، منها الزجاج، كما هي الحال في شركة ناشئة لأنطوني عبد الكريم ويولا طوم، والذي بعد تدويره -مثلاً- يُرمى على البلاط ليتحوّل إلى لمعان مميّز يُزيّن الطبقة الرمليّة المبلّلة.
سجّل أيضاً لشركة " لاب بلاستيك"، المؤلفة من 10 شبان، قدرتهم على تحويل عبوّات مشروبات غازية ملوّنة إلى جهاز مركّب ضخم ملوّن يصلح لأجنحة المعارض.
يجاري هذه الاختراع -وفقاً لسامر الأمين- في مدخل القاعة مختبراً لـ9 موادّ مختلفة لإعادة التدوير، وهي صديقة للبيئة، منها مثلاً إعادة تدوير الكاوتشوك والدواليب لصناعة مقاعد في أمكنة خاصّة بالمشاة على الطرقات، وتغطية مصباح كهربائيّ بغلاف من سحابات كبيرة مأخوذة من ملابس، فضلاً عن سوى ذلك من الابتكارات".
في العودة إلى التقليد، عرض الحرفيون في ساحة مختبر "بي أس لاب"، قرب شركة الكهرباء في شارع مار مخايل، أعمالهم التراثية على غرار النجارة.
ينكبّ النجار إيلي عيروت، وهو يحمل مجموعة من الأزاميل في حفر "تيجان" تُشبه شكلاً "التاج المزخرف" في أعلى عواميد بعلبك.
أين يعمل؟ أجاب بأن لديه منشرة في بلدة دوما (البترون). أكمل بحماس أنّ ذوّاقة النوع عددهم محدود، ومنهم بعض الفرنسيين، الذين يرغبون في تزيين جدران بيوتهم الخارجيّة بهذه التيجان، التي انحسر بيعها -للأسف- في لبنان، في تجربة واحدة في بناية على كورنيش المزرعة.
المهم أيضاً أن تمكين المرأة من أولويّات المعرض. فاطمة طرطوس، التي تعمل بشغف في حرفة الدقّ على النحاس شكت من أسعار السلع المستوردة من الخارج والمضاربة للإنتاج المحلي، الذي ما زال يستقطب بآوانيه النحاسية وطناجره ذوّاقة محدودة العدد من دون أيّ شكّ.
تُسجّل مشاركة أخرى لـ ديما إسطفان حرفيّة الخيزران، التي جسّدت في طبيعة الحرفة العلاقة مع عناصر الأرض، بدءاً من المفروشات فأشكال البرك المائية، وصولاً إلى مصابيح مضاءة وسواها، مؤكّدة أنّ لها جمهورها الشاب العصريّ المنجذب إلى عالمها.
[email protected]