النهار

"لارا حتي.. " تُبرز هويتها، وتخلع أقفالنا
المصدر: "النهار"
"لارا حتي.. " تُبرز هويتها، وتخلع أقفالنا
لارا حتي.
A+   A-
نبيل المقدم
كاتب وصحافي

"رسالة" هو عنوان ديوان شعر للشاعرة والممثلة المسرحية والتلفزيونية والمحاضرة في كلية الفنون في الجامعة اللبنانية
"لارا حتي".
لا يمكنك وأنت تقرأ هذا الديوان إلا أن تشعر بكلمات صادقة ومنسجمة ومفطورة على حبّ الحقيقة والجمال، تلفح إحساسك منذ اللحظة الأولى. إنها كلمات أشبه بوردة تخرج إلى النور، تشقّ طريقها إلى فضاء الشعر والحياة.

تقول الشاعرة في إحدى قصائدها:
"كتبت ما أحسست
عندما تألمت....
وارتسمت في خيالي ألف علامة استفهام".
إنها ليست كلمات فقط تعبّر عن حركة الشعر الحديث، دوّنتها الشاعرة في لحظة شعور باليأس والعزلة. إنها لحظة إحساس بالوجوديّة العميقة. إنها غصّة العجز عن الإفصاح عمّا يضجّ في داخلها، فلم تجد غير الشعر لتشكو أمرها.
لارا حتّي الشعرُ بالنسبة إليها فعل وجود. هو كلّ الكلام، هو رمز الإنسان المعاصر، إنّه العالم البديل. هي في ديوانها تلتزم قضية الإنسان الضائع في متاهات الحضارة الحديثة، وتحاول إعادته إلى ولادته عن تلك الدروب الموحشة التي سلكها في حياته، في أسلوبه، في التعاطي والعمل.

"عادوا بعد انقطاع
يلملمون بقايا الذي ضاع
عادوا
يبحثون عن أنفسهم
يلبّون نداء فطرتهم
يعانقون الشجر
ويقبلون التراب".

أيّتها الصبيّة الجميلة لارا حتّي، كم أنت عميقة!
كم تشبهين طائر الفينيق الذي يبعث من الرماد!
في كلماتك تمثّلين الإنسان المثاليّ الرفيع في سلوكه، في أخلاقه، وفي تعاملاته.

كلمات ديوانك لم تأتِ من فراغ. هي تعبير عن موهبة أصيلة، وثقافة فلسفية، وكلّ ذلك ثمرة الجهد، وليس الصدفة.
قصائد كُتبت بحبر القلب. هي تبدو في الظاهر رومانسيّة مسالمة، ولكن هي أيضاً تحمل في طيّاتها براكين، فيها من القوّة بقدر ما فيها من النشوة والجمال.

من يقرأ ديوان لارا حتّي لا بدّ له من أن يشعر وكأنّه في بحيرة دافئة، تغتسل فيها الكلمات لتخرج وتختال في هالة من السحر. كلمات تملأ قارئها ارتياحاً، وتجعله يلامس الحياة في بساطتها وحيويّتها.
مَن قال إنّ الثورة هي ثورة الدم فقط، وإنّه ليس فيها عبير الرياحين والأزهار؟

أهمية لارا حتّي أنها ليست من الذين يدبّجون في شعرهم كلمات جوفاء، أو من الذين يكتبون كلمات مبتورة مهزوزة. إنها صاحبة نهج مميّز شكلاً ومضموناً، يحمل كلّ صفات العمق والواقعية، ويلفّه الوضوح والجاذبية من كلّ الاتجاهات.


اقرأ في النهار Premium