النهار

"فئة دمي حالم"
.
A+   A-
  • ليليان يمين
 
كم أحبُّ تلك القلّة القليلة من الحالمين، فالحالمون حتماً طيبون، كلّ حالم شاعر تنام قصيدته في غفوته، من يحلم تسكنه الرأفة فلا يُؤذي وهو المتكىء على ذاته،لا يستبيح ما ليس له، يهرب الحالم إلى حلمه فلا يسرق أو يغار . الحالمون أطفال هذا الكون وحلاه، ينسجون الدفء من برودته وهم شديدو الحرص على كل جمال لأنهم يخافون انهيار أحلامهم التي بنوها ولمّعوها طويلا.

أجمل ما في الحالم حين تتخطاه أحلامه فتطال أحبّةً له ينالون معه حصّتهم من سعادة وطمأنينة.الحالمُ ليس حيادياً أبداً بل صاحب موقف إختار الحلمَ قصداً كي لا يسقط وليس بهارب بل هو الطامح والمدرك أن أحلامه في مكان ما عصيّةٌ على الموت.الحالمُ يعي أننا لا ننزل النهر مرتين لأنّ المياه ليست ذاتها في كلّ مرة وهكذا الأحلام أعطته الحياة كي يعيشها دفعات ودفعات.

سأظلّ أحلم، لا لشيء بل لأشياء عديدة، أشياء لا تُنتسىى، لا تموت ولا تُدفن تحت تراب،سأحلمُ كي أُرمّم لحظة،كي أُصلح مشهداً، كي أَمحو ما استطعت من مشهدِ ذاك الطفل الذي ضحك ظنّا أنّ أمٌه عادت مع والده من المستشفى فيما هي تستعدّ لإخباره برحيله الطويل،صبيٌّ يُفرحه قدومي فيما أنا يُمزّقني جرحه، طفلةٌ تشردُ في فراغٍ لا تفهمه فيما يدي تلتقط هباءً أصابع يدها.هكذا هو الحالم، يُخبّىء أوجاعه في جعبته،لا يستسلم بل يظلّ يقاوم أقلّه كي تبقى أحلامه على قيد الحياة.سأظلّ أحلم،لابشيء بل بأشياء كثيرة وستظلّ أحلامنا تتناثر في يقظتنا وسأحرص أن لا يتساقط منها ما يُومىء للوقت أن يرقّ فيرقّ.سأظلّ أحلم وإن أطلتُ في الحلم لا تنتظرني،أحلامُنا كما صلواتنا مستجابة. فئة دمي حالم.

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium