بحضور ورعاية حاكم الشارقة الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، نظّم "المكتب الإقليمي لحفظ التراث الثقافي في الوطن العربي" (إيكروم – الشارقة) احتفاليّة خاصة لإعلان وتكريم المشاريع الفائزة بالدورة الثالثة من "جائزة إيكروم – الشارقة" للممارسات الجيّدة في حفظ وحماية التراث الثقافي في المنطقة العربية (2022-2021)، والدورة الثانية من جائزة التراث الثقافي العربيّة لليافعين، وذلك في بيت الحكمة - الشارقة.
وعُرضت أفلام تعريفيّة بالجائزتَين، والمشاريع الفائزة بالدورة الثانية من جائزة "إيكروم – الشارقة" للممارسات الجيّدة في حفظ وحماية التراث الثقافي في المنطقة العربية، كما تم عرض فيلم عن المشاريع الخمسة عشر التي اختارتها لجنة التحكيم للجائزة في دورتها الحالية ضمن القائمة القصيرة.
ثم تحدّث كل من ريما كريدي، عضو لجنة التحكيم لجائزة التراث الثقافي العربية لليافعين، وكريستيان جعيتاني ممثلة اللجنة الوطنية اللبنانية لليونسكو، وسلطان الخليف، ممثل اللجنة الوطنية الأردنية لليونسكو، عن جائزة التراث الثقافي العربية لليافعين، وألقوا كلمات مقتضبة أكدوا فيها أهمية هذه الجائزة بهدف نشر التوعية حول أهمية الحفاظ على التراث الثقافي في مدارس المنطقة العربية.
وقامت المديرة العامة لهيئة متاحف الشارقة ورئيسة لجنة التحكيم لجائزة "إيكروم – الشارقة" للممارسات الجيدة في حفظ وحماية التراث الثقافي في المنطقة العربية، منال عطايا، بإعلان الفائزين بالدورة الثالثة منها. ووفقاً لتقرير لجنة التحكيم المستقلة الذي قدّمته عطايا، فقد فاز بالجائزة الكبرى مشروعان مثاليان. المشروع الأول هو حماية تراث بيروت الثقافي (BACH)، لبنان، الذي تميز من خلال نجاحه في حشد المشاركة المجتمعية للأفراد والمؤسسات (بما في ذلك منظمات المجتمع المدني) من أجل إنقاذ نسيج حضري مدمر يضم العديد من المساحات الثقافية (مثل صالات عرض الفنون)، بالإضافة إلى مجموعات في المتاحف والمكتبات التاريخية، والمباني السكنية والتجارب والذكريات الخاصة التي تحملها هذه الفضاءات.
أما المشروع الثاني فهو إعادة تأهيل المنازل والمباني المحيطة بالمسجد الأقصى، القدس، فلسطين، الذي عمل على اتباع نهج صحيح غايته التأثير الإيجابي على الأسر التي تعيش في هذه المنطقة الواقعة تحت التهديد المستمر من قبل الاحتلال. ويظهر هذا المشروع، على وجه الخصوص، قوة التراث وإسهامه في منح الأمل، والأثر الإيجابي الذي يمكن أن يزرعه في مواجهة الصدمات التي عانت منها أجيال متعددة. كما ساهم المشروع أيضاً في الحفاظ على البنى الأسرية وربط الناس بممتلكاتهم.
وفي درجة التميز الخاص، منحت جوائز تميز تقديرية لأربعة مشاريع هي: قصر هشام في أريحا، لتميزه في حفظ موقع ذو قيمة فنية استثنائية بمنهجيات علمية حديثة؛ ومشروع كول – ارت في تدمر، وهو مشروع متكامل لتوثيق معبد بعل شمين في تدمر سورية تميز باستخدامه البحث العلمي وإشراك المجتمعات في ربط تراثهم غير المادي بإعادة بناء مواقع اثرية تعرضت للتدمير؛ ومشروع قرية القرارة في غزة لتميزه كمشروع لمبادرات خاصة في حفظ التراث والتعريف به كمصدر للهوية والتنمية؛ وأخيراً مشروع التوثيق الرقمي للوثائق التاريخية في القدس لتميزه في حفظ التراث الوثائقي لتراث مهدد.
وقالت منال عطايا بهذه المناسبة: "يطيب للجنة التحكيم أن تهنئ المشاريع التي وصلت إلى القائمة القصيرة، ذات الجودة والتميز، والتي جعلت عملية اتخاذ القرار أمراً غير يسير". وأضافت: "حرصت لجنة التحكيم على منح كل مشروع الوقت الكافي لمراجعة جميع مستنداته، ومناقشة مقدميه خلال يوم كامل. وقد أخذت اللجنة في الاعتبار معايير ورؤية شاملة لجميع جوانب كل مشروع بما في ذلك التنفيذ الفني والاستدامة وبناء القدرات والمشاركة المجتمعية والآثار الاجتماعية والاقتصادية المباشرة حيثما كان ذلك ممكناً".
يذكر أنّ لجنة التحكيم لهذه الدورة تضم بالإضافة لمنال عطايا كل من الشيخ سلطان بن سعود القاسمي، الدكتورة أولريك الخميس، الدكتور ستيفانو دي كارو، الدكتورة عمرة حجي محمدوفيتش، الدكتور صلاح محمّد حسن، والمهندس جاد تابت.
كما تم تكريم المشروعان الفائزان بالدورة الماضية من جائزة "إيكروم – الشارقة" للممارسات الجيدة في حفظ وحماية التراث الثقافي في المنطقة العربية التي أقيمت قبل عامين، وهما مشروع "إعادة تأهيل سوق السّقطيّة" في مدينة حلب، سورية، الفائز بالجائزة الكبرى عن فئة "المباني والمواقع الأثرية، ومشروع "الرقمنة والإسعافات الأوّلية للتّراث الوثائقي لمجموعة المخطوطات في مكتبة المسجد العمري" في غزّة، فلسطين، الفائز بالجائزة الكبرى عن فئة "المقتنيات والمجموعات ضمن المؤسسات الثقافية". واستلم كل من الدكتور علي اسماعيل، المدير التنفيذي لمؤسسة الآغا خان للخدمات الثقافية في سورية، والسيد عبد اللطيف أبو هاشم من فلسطين لوحة الجائزة.
كما تمّ إسدال الستارة على الدورة الثانية من جائزة التراث الثقافي العربية لليافعين وإعلان المشاريع الفائزة، حيث فاز بالمركز الأول بالشراكة عن فئة الرسم الطالبة سارة حسن الحوسني، من مدرسة الأمل للصم، دولة الإمارات العربية المتحدة؛ والطالبة اليسار المصري، من مدرسة كلية عمر بن الخطاب – جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت، لبنان. كما فاز بالمركز الأول عن فئة التصوير الفوتوغرافي الطالبة غلا عبد الرحيم محمود الرحيل، من مدرسة بيوضة الشرقية الثانوية المختلطة، الأردن. بينما فاز بالمركز الأول عن فئة الرقص الفولكلوري، مدرسة التقدم للتعليم الأساسي- طرابلس، ليبيا عن رقصة شارعنا القديم. وأخيرا فازت مدرسة قصر الحلابات الغربي الثانوية المختلطة، الأردن بالمركز الأول عن فئة الفيلم التوعوي عن فيلم قصة فرح من قلب البادية. وقام الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة يرافقه السيد جون روبنس، والدكتور زكي أصلان، بتكريم جميع الفائزين بالمسابقتين وتقديم الجوائز.
في نهاية الحفل ألقى الدكتور زكي أصلان، كلمة ختامية جدد فيها الشكر والتقدير إلى حاكم الشارقة ودولة الإمارات العربية المتحدة على دعمها المتواصل للمركز الإقليمي ولكافة المبادرات والبرامج الثقافية. وقال: "عندما أطلقنا هذه الجائزة قبل خمسة أعوام، هدفنا إلى نشر ثقافة الحفاظ على التراث الثقافي في المنطقة ضمن معايير وأسس دولية، وذلك من خلال التعريف بالمبادرات الجيدة التي يتم تنفيذها على الصعيد العربي، والتي تسهم في تحفيز القيام بحماية التراث الثقافي المادي وإحيائه بشكل يرتقي إلى اتباع المنهجيات الدولية ضمن السياق المجتمعي والتنمية المستدامة، حيث نصبو بذلك إلى تسليط الضوء على هذه المبادرات وتكريمها بما يتناسب مع تميزها في المنطقة والعالم".
وختم أصلان قائلا إنّ "جائزة إيكروم – الشارقة للممارسات الجيدة تحولت ونمت وتطورت في كل دورة خلال سنوات قليلة فقط إلى واحدة من أهم الجوائز على الصعيد العربي خاصة في هذا المجال، وذلك بالتعاون مع لجنة تحكيم يتم تعيينها في كل دورة من الجائزة. وإذ نشعر بالغبطة والفخر، نشعر أيضا بالالتزام بالحفاظ على نمو وتطور الجائزة والوصول إلى مشاريع جديدة مميزة في المنطقة العربية، كتلك التي وصلت للقائمة القصيرة في الدورة الحالية. ومن هذا المنبر، أؤكد أن مكتب إيكروم - الشارقة، بتوجيه ورعاية صاحب السمو، لن يدخر جهداً للارتقاء بهذه الجائزة عاماً بعد عام، بما يتناسب مع التحديات التي تشهدها المنطقة العربية".
حضر حفل التكريم كل من الشيخ سالم بن عبد الرحمن القاسمي رئيس مكتب الحاكم، والشيخ محمد بن حميد القاسمي رئيس دائرة الإحصاء والتنمية المجتمعية، ونورة بنت محمد الكعبي وزيرة الثقافة والشباب، والسفير السوري الدكتور غسان عباس، وعزيز ميرشانت ممثل الآغا خان في دولة الإمارات العربية المتحدة، وعدد من الشخصيات والخبراء والمهتمين بالشأن الثقافي في المنطقة العربية والعالم.