"لا تسمح للفاسد بالوصول الى الحكم". ربما هذا الأمر صعب في لبنان، لكنه ممكن في لعبة خيالية مستوحاة من واقعنا اليومي. لعبة "مشروع رئيس: لعبة فساد"، بُنيت على أنقاض آمال ثورة 17 تشرين، تجمع بين المتعة والثقافة لتعريف المواطنين على اللعبة السياسية اللبنانية الحالية التي تحكمنا.
يتم الترويج للعبة من خلال موقع خاص، وهي ليست لعبة الكترونية، ويمكن شراؤها. تبدأ اللعبة على مرحلتين، في البداية يسحب كلّ لاعب بطاقة أمّا يكون "فاسداً" (أخضر) أم "ناشطاً"(أحمر)، ومن ثمّ تُستهلّ المرحلة الأولى وهي المعركة البرلمانية، حيث يحاول كلّ لاعب الحصول على أكبر عدد ممكن من المقاعد البرلمانية. والمرحلة الثانية تتضمن الانتخابات الرئاسية إذ يصوّت اللاعبون لرئيس، وكلّ فرد حسب حجم كتلته البرلمانية (من لديه مقاعد أكثر لديه أفضلية التصويت)، ويتمّ بُعيدها انتخاب المرشح الذي يحصل على أكبر عدد من الأصوات في البرلمان رئيساً. حتى إذا كان المرشح المنتخب فاسداً، يفوز باللعبة والعكس صحيح.
تستند اللعبة بالمقام الأوّل على المخادعة، ويتمّ توزيع الأدوار بشكل عشوائي على اللاعبين، وفي حال حصول اللاعب على ورقة "فاسد" يتعرّف على شريكه في البداية، ويتوجب عليهما لاحقاً خداع الآخرين لكي يعتقدوا أنهم "صالحون".
انبثقت الفكرة من روح شبابية كانت حاضرة في ثورة 2019، ومن بين أصحاب الفكرة بينوا خياط الذي كشف في حديث لـ"النهار" عن رحلة ابتكار اللعبة وكيف راودته الفكرة حين كان يعيش في باريس في زمن اندلاع الثورة متابعاً الأحداث والتطورات، لكنه عاد بعد أن تجدّد في داخله الأمل أن مستقبلاً جديداً قادمٌ، ورأى خياط أنّ حين بدأت الثورة تنمو أخذت بعض الأحزاب بـ "ركب موجتها" ومن هنا بدأت الفكرة.
ويضيف خياط: "في البداية كانت مزحة إلى أن تطورت إلى لعبة وسُميت "من ركب الموجة" منبثقة من واقعنا، لكن لم أكن على معرفة أو خبرة كافية لتطوير فكرتي، إلى أن تعرفت على جان ميشال شمالي وأصحابه، فالتقينا في الثورة وحققنا هذه الرؤية، ومن هنا بدأت رحلتنا".
ولفت خياط إلى أنّ أهمية اللعبة تكمن بإدراك الأفراد أنها تمثل واقعنا وحياتنا في لبنان، وجُلّ ما تفعله القوى السياسية هو خداع الشعب وتقسيمه، لذلك نحتاج الى توحيد لتغيير النظام السياسي السائد.
في المقلب الآخر، رأى صاحب شركة" "سوبر هيتيت نورونز" التي نشرت اللعبة، جان ميشال شمالي أنّها لا تمثّل واقع الفاسد في لبنان فحسب، بل الفساد بشكل عام الكامن في نفوس السياسيين الذين يشكلون دوراً في صناعة القرار السياسي، مشيراً إلى أنّنا "نحاول عرض المسألة بطريقة سهلة، وما من وسيلة أفضل غير لعبة يجتمع حولها الأصدقاء ويفتحون بُعيدها أحاديث ريثما يكتشفون مدى تأزم وضعنا".
من جهتها، اعتبرت مصمّمة اللعبة رنا ظاهر أنّ لكلّ شخصية قصّة وخلفية خاصة، وتقول في حديث لـ"النهار": "حاولت أن أصمّم اللعبة كي تبدو كشيء تعثر عليه في خزانة جدتك، لديه طابع قديم يعيدنا الى العصر الذهبي في خمسينيات القرن الماضي، كما تعود الشخصيات إلى خمسينيات القرن الماضي وكلّ منهم لديه شخصية وخلفية، فضلاً عن رمزية الألوان: اذ أنّ الأخضر يرمز الى السمّ، الموت والمال".