"تعارفوا" عمل مسرحي انطلق به مهرجان إهدنيات الدولي كرسالة دعم للمسرح اللبناني من منطلقات إبداعية وإنسانية وصوناً لحق الاختلاف. والمسرحية مشروع لجمعية مارش "March" من كتابة وإخراج يحيى جابر.
تعارفوا "كوميديا طائفية" تعالج قضايا اللبنانيين الذين لم يتعارفوا بين بعضهم البعض في الحقيقة وبالعمق، وتستخدم المسرح وسيلة لقبول الآخر، وتحرّره من الطائفيّة والعنصريّة على أساس الإنسانيّة.
تجسّد هذه المسرحية واقع 18 شاباً وشابة من مناطق وخلفيّات عدّة في بيروت وضواحيها، يلتقون في برنامج تلفزيونيّ ذي فقرات ترفيهيّة مختلفة. يتقدّم الواحد تلو الآخر، ويعبّر عن نفسه ومعاناته، وكأنّه يروي شهادة حياة إمّا بقالب كوميدي، وإمّا بالغناء والرقص التعبيريّ والهيب هوب والبريك دانس. سبعون دقيقة من الضحك والدمع والحقيقة الموجعة، قدّمها الممثلون الهواة باحترافيّة، وطرحوا خلالها أبرز القضايا اللبنانية المثيرة للجدل، من الطائفية والمثليّة الجنسيّة، إلى العنصرية والعنف والذكورية والتنمر والتمييز، والعزلة كما الخوف من الآخر.
أسئلة مختلفة يطرحها مقدّم البرنامج "باتريك"، على المشاركين: "من أنا؟" و"ماذا تعرف عن الآخر؟". ثم، في الفقرة الأخيرة، يقسّمهم إلى فرق، بحسب الدين والمنطقة والجنسية وحتى الجندر. الشخصيات كلّها قُدّمت مشبعة بالمعايير الاجتماعية المُسقطة، خصوصاً على جيل الشباب. أسئلة جعلتنا المسرحية نطرحها أيضاً على أنفسنا أثناء العرض، من نحن؟ وماذا نعرف عن أنفسنا قبل أن نعرف عن الآخرين؟
في نهاية المسرحية، حزب واحد يفوز وهو "حزب الإنسانية".
حضر الحفل نحو 300 شخص من مختلف المناطق اللبنانية كما تعارفوا قبل العرض المسرحي ليتحول مسرح إهدنيات الى ساحة تعارف وسط أجواء من الإيجابية والفرح.
عبّرت مؤسّسة مهرجان إهدنيات الدولي ريما فرنجية عن سرورها باستضافة هذا العمل المسرحي الفني الاجتماعي، وبالتعاون الثاني الذي يجمع جمعية الميدان بمارش، مؤكّدةً أنّه "انطلاقًا من مسؤولياتنا وواجباتنا كما كنّا على مرّ السنين سنبقى داعمين للفن، الثقافة، والمسرح اللبناني".
أضافت: "اليوم أكثر من أيّ وقت بحاجة للفتة خاصة إلى الشباب اللبناني، وإلى مبادراتهم التي تعبّر عن همومهم، اهتماماتهم، تطلّعاتهم كما طموحاتهم".
وختمت فرنجية: "كلبنانيين من كل المناطق نحن بحاجة أكثر من أيّ وقت مضى إلى أن نتعارف بشكل أعمق، وأن نتحاور لنتقارب ونخلق جواً من الوحدة في ظلّ هذه الظروف الصعبة".
وفي كلمةٍ لمؤسّسة جمعية "مارش" ليا بارودي، "أكّدت أن (تعارفوا) هي دعوة للتعارف بين سكّان هذا البلد بغض النظر عمّن هم ومن أيّ منطقة، كي نعترف أن اختلافاتنا هي مصدر غنى وليست مصدر خلاف".
وشدّدت على أنّه "لكلٍّ منا دور ومسؤوليّة لبناء جسور والعمل على الأرض تحديداً مع الشباب من أجل تأمين الفرص التي يستحقونها".
كذلك شكرت الكاتب والمخرج يحيى جابر على إبداعه وشغفه وإصغائه لقصص الشباب حتى شكّلوا فريق عمل ناجح.
وتقدّمت بالشكر إلى مؤسسة جمعية الميدان السيدة ريما فرنجية على هذه الفرصة، التي سمحت لهم بعرض هذه المسرحية خارج بيروت، ولتكون المرة الأولى في إهدن، مثنيةً على جمال طبيعتها وتاريخها المليء بالثقافة والفن.