الدكتورة سارة ضاهر
برعاية كريمة من سمو وزير الثقافة، ورئيس مجلس أمناء المجمع الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود، عقد مؤتمر مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية في دورته الحالية بعنوان: "الاختبارات اللغوية: النظريات، والتجارب، والتطلعات"، وافتتحه سعادة أمين عام مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية الأستاذ الدكتور عبدالله الوشمي، والذي امتد على مدى يوميْ الثلثاء والأربعاء، وشارك فيه أكثر من أربعين متحدثًا يمثلون مايزيد على اثنين وعشرين دولةً من الباحثين المعنيين بالاختبارات اللغوية.
انطلاقًا من مرجعية المجمع الرامية إلى تعزيز حضور اللغة العربية، ودعم انتشارها واستخدامها، جاء هذا المؤتمر لجمع الخبراء والمتخصصين من جميع أنحاء العالم لعرض نتاجهم العلمي والبحثي ومناقشة أبرز ما توصّلت إليه مؤسساتهم العالمية في مجال اختبارات اللغة وأبرز التحديات التي تواجهها، والحلول المقترحة، إضافةً الى مناقشة كل ما يتعلق بقضايا اختبارات اللغة، والقياس والتقويم اللغوي من قضايا نظرية وتطبيقية سعيًا إلى تبادل الخبرات العلمية، والاستفادة من التجارب العالمية ذات السبق في هذا المجال.
تميّز المؤتمر بنوعية المشاركين وتنوّعهم، فجاءت الأبحاث جادّةً وتحمل تجارب حقيقية بعضها مسلَّمٌ به وبعضها رائد في مجاله، لكن هذه المحاولات جميعها تسعى إلى حل مشكلة اللّغة العربيّة ووضع ضوابط لاستخدامها لتكون الكلمة للميدان، بحيث نتأكّد من مدى تمكّن الناطقين بغيرها من خلال استخدامها الأمر الذي يضع حدًّا للكثير من الأخطاء الشائعة المتداولة، كما يساهم في إغناء المحتوى الرقمي العالمي. وقد اعتمدت أبرز هذه المحاولات المرجع الأوروبي إطارًا لها، كذلك قارنت بينهما وبين اختبارات كامبردج، ولكن تبقى للغة العربية خصائصها وتحتاج الى إطار مرجعي خاص بها وهو ما أنجزته منظمة الأسكوا.
ونستطيع القول إن تجربة الاختبارات العربية لا تزال في مراحلها الأولى وربما المتوسطة، لكن نتيجتها ستحمل أملاً جادًّا وفاعلًا ينعكس إيجابًا على مستقبل اللّغة العربيّة المعاصرة كلغة مستخدمة في المجالين الأكاديمي والمهني وربما بعض منصات ومواقع التواصل الاجتماعي.
على أمل أن يجتمع المعنيون من مختلف المؤسسات لوضع معايير موحدة، الأمر الذي يجعل اختبار اللغة العربية أكثر جدّيّة وذا نتيجة فعّالة.
فعاليات اليوم الأول تخلّلتها خمس جلسات، الجلسة الأولى بعنوان "رؤى نظرية في الاختبارات اللغوية"، الثانية "معايير بناء الاختبارات اللغوية"، الثالثة "اتجاهات حديثة في التقويم اللغوي"، الرابعة "اختبارات الكفاية اللغوية: الأساليب، والمنهجيات"، والخامسة حملت عنوان "اختبارات المهارات والعناصر اللغوية".
أما فعاليّات اليوم الثّاني فتضمّنت كذلك خمس جلسات، الجلسة الأولى بعنوان "التقنية والتقويم اللغوي"، الثانية "الاختبارات اللغوية: تحديات، وحلول"، الثالثة "اختبارات اللغة العربية في الجامعات والمؤسسات الأكاديمية"، الرابعة "الاختبارات اللغوية: تجارب ونماذج"، والجلسة الخامسة بعنوان "جهود مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية في الاختبارات اللغوية".
وتضمّن المؤتمر إطلاق مجلّة علمية محكمة خاصة بالاختبارات اللغوية، وحمل عددها الأول أبحاثًا عدة مثل: مقارنة نتائج الاختبارات المحسوبة بنتائج نظيراتها الورقية في الاختبارات اللغوية، واستعراض لاختبار المستوى الرابع لتخصص اللغة العربية في الجامعات الصينية، ودراسة مقارنة بين توجيهات المجلس الأميركي لتعليم اللغات الأجنبية والإطار الأوروبي المرجعي المشترك للغات، كذلك الاختبارات اللغوية الأكثر استخدامًا والمستويات والنواتج التي تستهدفها، وتصوّر مقترح لبناء اختبار معياري لقياس كفايات معلّمي اللغة العربية كلغة ثانية.
بالإضافة إلى إطلاق اختبار همزة للناطقين بغير العربية، للإسهام في تحقيق أهداف المجمع الاستراتيجية، وذلك بتفعيل مهمته في خدمة اللغة العربية، وتأكيد مكانتها وتطبيقها، والمحافظة على سلامتها
وختامًا، خلصت أعمال المؤتمر الى مجموعة من التوصيات من أبرزها الإشادة بدور مجمع الملك سلمان الريادي وجهوده الكبيرة، من ثم التأكيد على ضرورة البحث والتطوير في مجال اختبارات اللغة وعلى الحاجة إلى الحوار المستمر والتعاون بين خبراء اختبارات اللغة والمعلمين وصانعي السياسات. تعزيز استخدام التقنيات الحديثة بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والأدوات الإلكترونية، تطوير أدوات ومنهجيات تقييم مبتكرة تتوافق مع الخلفيات اللغوية والثقافية للمتقدمين للاختبار. كذلك دعم التطوير المهني وتدريب معدّي الاختبارات، مواجهة التحديات والصعوبات ذات العلاقة بمجال الاختبارات وضمان أمن وسرّية مواد الاختبارات ونتائجها. وأخيرًا دعم اختبار همزة المعياري وتشجيع المؤسسات على اعتماده وحثّ الباحثين والمهتمين بالنشر العلمي في مجلة اختبارات اللغة.