تعمل مجموعة ناطقة بالفرنسية منذ ثماني سنوات على تعزيز حضور المرأة في "ويكيبيديا" من خلال إضافة سيَر لشخصيات نسائية لم تكن واردة في الموسوعة التشاركية، ومع أنها حققت تقدما، لا تخلو مهمتها من صعوبات، ويدرك أعضاؤها أن الطريق نحو تحقيق طموحهم "لا يزال طويلا".
وقالت مؤسِسة مشروع "ليه سان باج" Les sans pageEs ناتاشا رولت لوكالة فرانس برس: "في عام 2016، كانت سيَر النساء تقتصر على 14 في المئة من العدد الإجمالي للسِيَر المكتوبة بالفرنسية (...) ولكن قبل شهر، تجاوزنا نسبة الـ20 في المئة، إذ بلغ عدد سيَر النساء 142979".
وهذه المجموعة التي استوحت نموذج مبادرة "ويمن إن رِد" Women in Red المتعلقة بالنسخة الإنكليزية من "ويكيبيديا"، نشأت في سويسرا في حزيران 2016 بهدف تصحيح التحيزات بين الجنسين في الصفحات المكتوبة بالفرنسية من الموسوعة الإلكترونية، إذ لوحظ فيها غياب فاضح للمرأة.
ويتولى نحو 300 شخص المساهمة بطريقة أو بأخرى في المشروع. وفي غضون ثماني سنوات، أنشئت أكثر من 68 ألف سيرة، من بينها مثلا واحدة عن أليكس باين، وهي سائقة سيارة إسعاف فرنسية، وأخرى عن لاعبة كرة السلة الإسبانية التي فازت بالميدالية الفضية في أولمبياد باريس غراسيا ألونسو دي أرمينيو ريانيو، وثالثة عن الكاتبة الفرنسية شارلوت ديلبو.
كذلك عملت المجموعة على "تحسين" السيَر الأخرى الموجودة أصلا، كتلك المخصصة لمدام دو فارينس، الجاسوسة السويسرية الشهيرة التي كان يُعَرَّف عنها طويلا في الموسوعة على أنها فقط ملهمة الكاتب والفيلسوف جان جاك روسو وعشيقته.
ومع تخطي نسبة سيَر النساء من إجمالي السِيَر المكتوبة بالفرنسية 20 في المئة في تموز، اقتربت النسخة الفرنسية من "ويكيبيديا" من تلك المكتوبة بالإسبانية، حيث تبلغ نسبة سيَر النساء 23,4 في المئة، وباتت تتقدم قليلا على النسخة الإنكليزية (19,8 في المئة)، بحسب ناتاشا رولت.
ورأت الفرنسية البريطانية أن "تقدما كبيرا تحقق، ولكن الطريق لا يزال طويلا". ومن بين ما أوردته في هذا الإطار، أن النساء اللواتي يساهمن في "ويكيبيديا" لا يزلن أقلية بين مجمل المساهمين، إذ أن "90 في المئة من هؤلاء رجال"، مما يعزز "التحيز" الجنسي.
- بعد الوفاة -
ومن العقبات الأخرى التي تواجهها المجموعة النقص المستمر في الإمكانات.
وشرحت ناتاشا رولت قائلة: "لكي تكون المقالة (على +ويكيبيديا+) مؤهلة، يجب أن يكون الموضوع حظي باهتمام في اثنتين على الأقل من وسائل الإعلام الوطنية أو الدولية، خلال فترة عامين".
لكنها أوضحت أن "إشارة بسيطة إلى الموضوع في صحيفة +لوموند+ أو مقابلة في صحيفة +لوفيغارو+ لا يكفيان، إذ لا تُقبَل سوى المصادر الثانوية، كالمقالات".
ومن دون مصادر ثانوية، لا يمكن نشر أي مقالة. ونتيجة لذلك، ليس غريبا أن تُنشر المقالات عن بعض الأشخاص بعد وفاتهم فقط. فعلى سبيل المثال، توفيت العالمة الفرنسية الرائدة في مجال المعلوماتية ماريون كريانج في آذار 2022، ولكن لم تُخَصَص لها صفحة على "ويكيبيديا" إلا بعد وفاتها.
وفي ظل هذا الواقع، حضت الجمعية الممولة خصوصا من مؤسسة "ويكيميديا" الكتاب والصحافيين الناطقين بالفرنسية على الكتابة أكثر عن النساء، "وخصوصا أولئك الجديدات غير المعروفات بعد".
وقالت ناتاشا رولت: "يجب البحث عمّن هنّ أقل شهرة (...) وثمة عمل حقيقي أمام الكتاب والصحافيين".
ورأت أن المسألة تطرح ما هو أوسع منها، وهو طريقة تعاطي الصحافة والكتاب مع النساء وإنجازاتهن".