منذ تسعين ربيعًا، وبالتحديد في نيسان من العام 1935، وفي قرية شيخان الجبيلية المعروفة بقرية المائتي كتاب، أطلّ على الدنيا جورج شكور ليملأ دنيا الأدب ويشغل عالم الشعر، ردحًا من الزمن، حتى إذا ما أنجز مهمّته، ورفع لواء قريته عاليًا، وعراه الحنين إلى حضن شيخان، يعود إليها عودة الابن البار، لينعم بدفء ثراها ميتًا، بعد أن نَعِم بطيب هواها حيًّا، وهو القائل فيها:حلوةٌ شيخان يا طيب هواها عطف الله عليها، وحباهابلدةٌ للشعــر والفكـــر بهـــا نبتـا بكـرًا، ولبنان تباهى قد رفعنــاه لواهـــا عاليًـــا فَلْيَدُمْ للعزّ مرفوعًا لواهاوإذا كان لشيخان أن تفرح بعودة ابنها إليها على صهوة من شعر ونبل وسموّ، فلأصدقائه وتلاميذه ومحبّيه أن يحزنوا لعودته الموجعة، ذلك أن الفراغ الذي أحدثته تلك العودة في نفوسهم لا يملأه سواه، وحسبي أنني كنت واحدًا من هؤلاء. من حسن الحظ أنني تعرّفت إلى جورج شكور، منذ عقدين من الزمان، ونشأت بيننا علاقة راحت تُفرع وتُمرع، على الزمن، وتؤتي أكلها في كلّ حين. فكان لي بمثابة أبٍ شعري، وكنت له بمثابة ابنٍ لا يقتل أباه. وكان ثمّة زمن نوعيٌّ بيننا، تفيّأنا ظلاله في أندلس الصداقة. وكم نعمت بنبل أخلاقة، وسموّ ذاته، وطيب سريرته، ومتانة لغته، وجمال شعره، وفاكهة حديثه، وأُنس حضوره. ولا يمكن لمن لم ينعم بمثل...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟
تسجيل الدخول