النهار

برلين 73 – "سوزوميه": أبواب اليابان المغلقة عندما تنفتح!
هوفيك حبشيان
المصدر: "النهار"
برلين 73 – "سوزوميه": أبواب اليابان المغلقة عندما تنفتح!
"سوزوميه"، الفيلم المظلوم في مسابقة برلين 73.
A+   A-
من الأفلام الجيدة التي لم تنل ما تستحقه من اهتمام على مستوى لجنة التحكيم، خلال الدورة الفائتة من مهرجان برلين السينمائي الذي انعقد من 16 إلى 26 شباط: "سوزوميه" للمخرج الياباني ماكوتو شينكاي. هذا واحد من فيلمين تحريكيين نافسا على "الدبّ الذهب" (الثاني هو "مدرسة الفنّ 1994" لليو جيان)، لكن يبدو ان هوى لجنة كريستن ستيورات ليس آسيوياً ولا تحريكياً، فأهملت الفيلم تماماً، رغم انه كان أهلاً لالتفاتة ولو على الهامش. الفيلم يستلهم الزلزال والتسونامي في توهوكو الذي وقع في العام 2011، ويُعد أعنف كارثة طبيعية حلّت باليابان في تاريخها.

الشخصية الرئيسية هي سوزوميه، فتاة من جنوب غرب اليابان، تأخذ على عاتقها انقاذ بلادها وهي تمر في أحلك ظروفها، حيث ان السماء ملبّدة بالخطر والأرض تهتز، وهي على وشك ان تحل بها كارثة. سوزوميه، التي تمتلك موهبة رؤية ما لا يراه الآخرون، ولها قدرات خارقة جداً، ستكلّف نفسها اقفال الأبواب التي تنفتح واحداً تلو الآخر، ومنها تتسلل المصائب. سنراها تسارع إلى اقفال الأبواب على امتداد المناطق التي تعاني من هذه الظاهرة. لكن، لن تفعل هذا وحدها، بل بمساعدة شاب يبدو انه لديه موهبة إيقاف الزلازل قبل حدوثها. معاً، سيخوضان مغامرة فيها سلسلة من التحديات، وتحملنا إلى أماكن مختلفة من اليابان حيث اغلاق الأبواب سيصبح الهم الأوحد، تجنّباً لحدوث كوارث. وما الأبواب سوى استعارة لسيرة الإنسان عبر العصور، وهي صلة الوصل بين ماضيه وحاضره ومستقبله.
 
الشاب الذي يساعد سوزوميه في اغلاق الأبواب.
قبل عرضه في مسابقة برلين، خرج "سوزوميه" في الصالات اليابانية خلال تشرين الثاني من العام الماضي وحقق نجاحاً كبيراً، اذ استقطب عشرة ملايين مشاهد منذ ذلك الوقت في شبّاك التذاكر أي ما يعادل مئة مليون دولار. أفلام التحريك عملة نادرة في مسابقة برلين، ويوضح الملف الصحافي ان هذا هو فيلم التحريك الياباني الأول الذي يشارك في المسابقة منذ عقدين، أي منذ عرض "شيهيرو" (2001) لهاياو ميازاكي الذي كان نال "الدبّ الذهب" عامذاك. من سخرية القدر ان شينكاي يعتبر ميازاكي معلّماً له وهو معجب بفنّه، وهناك مَن يلقّب شينكاي بـ"الميازاكي الجديد"، علماً ان في سجلّه ستّة أفلام ويبلغ من العمر خمسين عاماً.

"سوزوميه" يضعنا أمام استعراض بصري ضخم لكل مَن يطمح إلى تمضية ساعتين في صالة مظلمة وينسى كلّ هموم الأرض، ولكن يتذكّر أيضاً البعض منها. فالسينما ذات وظيفة مزدوجة، تبعدك عن العالم وتقربك منه في آن واحد، وهذه خاصية بعض الأفلام التي من طينة "سوزوميه"، فهي تسعى إلى شدّنا وتحريرنا في الحين نفسه.

المغامرة ستكون بحرية وبرية وجوية. سيناريو الفيلم عبارة عن لقاء من عدة مواضيع ويستفيد من تداخلها بعضها ببعض، ليخرج في نهاية المطاف بوحدة متكاملة لا تعطي الاحساس بالحشو. هناك في النصّ لحظات عاطفية وكوميديا رومنسية و"رود موفي" و"سينما كوارث"، وهذا كله من دون ان يقطع المخرج صلته بالمناطق اليابانية التي تقع خارج نطاق الاهتمام، لينجز عملاً بعيداً من الصورة النمطية التي ارتسمت في الأذهان لبلاد يجمع بين التقاليد والحداثة والتكنولوجيا.
 
فيلم تحريك استقطب عشرة ملايين مشاهد في اليابان.

اقرأ في النهار Premium