النهار

كانّ 75 - "إي تي" لستيفن سبيلبرغ: الفضاء يهبط على الأرض
هوفيك حبشيان
المصدر: "النهار"
كانّ 75 - "إي تي" لستيفن سبيلبرغ: الفضاء يهبط على الأرض
"إي تي" لستيفن سبيلبرغ.
A+   A-
كانّ...
 
عرض مهرجان كانّ في دورته الأخيرة وضمن فقرة "سينما الشاطئ" فيلم "إي تي" الاسطوري لمخرجه ستيفن سبيلبرغ الذي كان يبلغ من العمر 34 عاماً عندما أنجز هذه التحفة البصرية عن علاقة صبي بكائن فضائي. أجيال شاهدت هذا العمل الذي دخل لائحة أفضل أعمال علم الخيال، وقد استعاده المهرجان الفرنسي بعد 40 عاماً على عرضه الأول في ختام الدورة الـ35.
 
الضرورة العاجلة لبناء عالم وهمي كانت ملحّة، إلى درجة أنّ أميركا الرأسمالية كرّست بطيب خاطرها المال والموهبة والوقت لإنجاز هذا المشروع لستيفن سبيلبرغ. حينذاك، ومنذ بعض الوقت، كان الفضاء يشغل مفهوم "المسافة" التي تنطبق على الغرب الأميركي الشاسع وعلى صحراء المكسيك الجديدة. فالأفلام التي سبقت "إي تي"، وإن استخدمت روح الفكاهة كمكوّن أساسي لها، فقد أخذت نفسها على محمل الجد وبحثت عن صدقية وواقعية. مع "إي تي" هوى سبيلبرغ بنا إلى عالم الحكاية، وكلّنا نعرف أهمية الحكاية في تأهيل الأولاد. كانت الحكايات التقليدية وأساطير الساحرات عند الجيل القديم، تكفي لنمو المخيلة، لكن بالنسبة إلى جيل "إي تي"، فالأساطير والحكايات باتت تأكلها الغبار.
 
هل يُلمح الفيلم إلى واقع أنّ الصبي يجب أن يدرك حقيقة أنّ الجنس البشري ليس الأقوى، وأنّ الذكاء الإنساني ليس الأكثر توهّجاً؟ الصبي - البشري في "إي تي"، ملاحق بفكرة أنه قبل نهاية حياته يمكنه الاتصال بكائن فضائي، ولا بد من الاستعداد لهذا اللقاء. هذا ما يُلمح إليه ربما سبيلبرغ. أما براعة الأخير، فتكمن في إعطائه للكائن الفضائي ذكاء يفوق الذكاء الإنساني، بحيث حوّله إلى ضحية. طبعاً، إنه ضحية قوية، لكنه وحيد، وفي مكان عدائي، حيث المناخ والطعام لا يناسبانه. سبيلبرغ وكاتبة السيناريو ميليسيا ماتيسون لم يبخلا على المراجع الوارد ذكرها من عالم السحر: في عيد هالووين، تتنكّر الأم بزيّ الساحرة، اليوت يوزّع السكاكر، وعندما يقول إي تي "أحبك"، فإنّ لكلماته صدى ما في إحساس المُشاهد. وكما في غالبية الحكايات، تترسخ القصّة بقوة في الحياة اليومية: المنزل هو منزل حقيقي، والبراد مملوء بالـ"فاست فوود" (الوجبات السريعة)، وغرفة الأطفال تعجّبالـ"غادجيت"، والدمى التي لا تكفي لملء الفراغ الذي تركه الأب - الزوج عند رحيله. أما التلفزيون، فهو طبعاً حاضر. يكمن نجاح الفيلم في خيار الأطفالوإدارتهم (يا للمتعة رؤية درو باريمور وهي طفلة!)، وفي إي تي نفسه، المخيف والمؤثر في آن معاً. بيد أنّ براعة سبيلبرغ الحقيقية تأتي من فعل ابتكاره لبعض الأفكار الإخراجية التي، وبعد مرور سنوات عليها، لم تشهد تقليداً، تماماً كالفيلم الذي لم تكن لديه أجزاء أخرى، ومشاهدته اليوم ترينا أنّ التطور التكنولوجي الذي شهدته الصناعة السينمائية، منذ ذلك الحين، ليس سوى ذريعة لبيع ما لا يُباع.
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium