النهار

السينما تفقد معلّم "الموجة الجديدة" المخرج جان لوك غودار
المصدر: "النهار"
السينما تفقد معلّم "الموجة الجديدة" المخرج جان لوك غودار
المخرج الفرنسيّ السويسريّ جان لوك غودار.
A+   A-
الراديكاليّ الطليعيّ والإشكاليّ وعرّاب حركة "الموجة الجديدة" السينمائيّة، المخرج الفرنسيّ السويسريّ جان لوك غودار، رحل اليوم عن 91 عاماً، هو الذي قال في فيلم "أحيّيكِ يا سراييفو" على لسان الشاعر لويس أراغون: "عندما يحين وقت إغلاق الكتاب، لن أشعر بالندم".

اشتهر غودار بالجرأة والنزعة إلى الجذريّة في صناعة الأفلام، واقتحام المحظورات وتجنّب القوالب المعلّبة، وهو ما أدّى إلى ثورة سينمائيّة ألهمت مخرجين متمرّدين يبحثون عن الحريّة، حتى بعد عقود من ذروة نشاطه في الستينيّات.

عكست أعمال مخرج "الجنديّ الصغير" و"الاحتقار" و"كتاب الصورة"، معرفةً قويّةً بتاريخ صناعة الأفلام، وفهماً شاملاً للفلسفة الوجوديّة والماركسيّة، ونظرةً عميقةً على هشاشة العلاقات الإنسانيّة. وقد تحدّى غودار الأعراف السينمائيّة الهوليووديّة والفرنسيّة التي كانت سائدة، حتّى أخذ عليه البعض ميله إلى ما وُصف بـ"التطرّف".

"العالم يعيش في السينما"، قال غودار في حوار مع الصحافي جان بيار لافوانيا عام 1995. قالها بالمعنى الذي عبّر عنه شارل ديغول في حديثه عن البرلمانيّين: "الفارق بينهم وبيننا هو أنّهم يعيشون في فرنسا، نحن فرنسا تعيش فينا". وقد اعتبر غودار يومذاك أنّ "العالم يحيا في السينما كما يحيا في الرسم أو أيّ شكل آخر للفن"، مذكّراً بأنّه "لزمن ما، في الخمسينيّات، كانت كلمة كاميرا معروفة في حجم يوازي كلمة خبز".

اعتقد غودار أنّ التلفزيون أفسد وظيفة السينما، "لأنّه قائم على قاعدة البث، فيما كانت السينما فائقة القوة وعصيّة على الرقابة. لذا فضّلوا تقزيمها إلى بعدها المشهدي الواحد".
 
خرجت أفلام الراحل عن التقاليد الراسخة للسينما الفرنسيّة، وساعدت في إطلاق طريقة جديدة في الإخراج تعتمد على التصوير بالكاميرا المحمولة والانتقالات الفجائيّة في المشاهد والحوارات الوجوديّة.

لا يُنسب الفضل إلى غودار وحده في إطلاق "الموجة السينمائيّة الجديدة" في فرنسا، فقد شاركه في تأسيس المدرسة ما لا يقلّ عن 12 من أقرانه، من بينهم فرانسوا تروفو وإريك رومر، ومعظمهم أصدقاء من حركة "الضفة اليسرى لباريس"، وهي حركة بوهيميّة نشأت في أواخر الخمسينيّات. ومع ذلك، أصبح غودار الرمز الأشهر للحركة السينمائيّة التي امتدّت إلى اليابان وهوليوود، وحتى في تشيكوسلوفاكيا الشيوعيّة والبرازيل.

من جهة ثانية، كان غودار واحداً من أغزر أقرانه إنتاجاً، إذ أخرج عشرات الأفلام القصيرة والطويلة على مدار أكثر من نصف قرن منذ أواخر الخمسينيّات. وجاءت معظم أفلامه الأكثر تأثيراً ونجاحاً من الناحية التجاريّة في الستينيّات، ومن بينها "حياتي التي سأعيشها" و"شيئان أو ثلاثة أعرفها عنها" و"عطلة نهاية الأسبوع".
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium