النهار

مراد مصطفى: سينما مصرية تتكلّم عن غير المصريين (فيديو)
هوفيك حبشيان
المصدر: "النهار"
مراد مصطفى: سينما مصرية تتكلّم عن غير المصريين (فيديو)
"عيسى" لمراد مصطفى.
A+   A-
فتاة سمراء بوجه طفولي تحضن مولوداً جديداً وخلفها ناس يجلسون على الشاطئ بصمت وترقّب وحذر. المشاهد التالية: رجل يدير لنا ظهره، متأملاً الأفق. لا شيء سوى صوت الأمواج المتكررة. تليه لقطات مقربة لعينيه وفمه ويده. وفي الواقع، لا نعلم ما اذا كانت هذه أعضاء الرجل الذي يحدق بعيداً أم انها أعضاء شخص آخر من الذين يجلسون على الشاطئ. فكلهم سواسية في نظر الفيلم الذي يخلط الحالات، لخلق وحدة حال عابرة للمكان.

هذه 3 لحظات من فيلم "عيسى" القصير لمراد مصطفى الذي عُرض في مهرجان كانّ الأخير (16 - 27 أيار) ضمن "أسبوع النقّاد". ثم تأتي لحظة ركوبهم قوارب الموت، فيبدون خيالات لا أكثر. من خلال سلسلة مشاهد ثابتة وهادئة، يحاصر الفيلم شخصياته التي تبدو كما لو كانت في حالة هروب متواصلة أو بحث عن ملاذ لا تجده. يقدّم الفيلم سيرة من سير الغربة والاغتراب المنتشرة في العالم، مصوّراً الناس الذين لا يملكون ترف البقاء في المكان الذي هم فيه. تلفظهم الرقعة التي هم عليها، فيبحثون عن مكان يؤويهم. فيلم مراد مصطفى عمل يكاد يكون تجريدياً، لا يروي قصّة بل قصصا مكثّفة ومتناثرة، يصوّر وجوهاً ولكن يربطها بوجه واحد: ذاك الذي يحمله عيسى (كنيي مارسيلينو)، المهاجر الذي يفعل ما في وسعه لانقاذ زوجته وابنته وابعادهما ممّا هو فيه، من دون ان تحاول الكاميرا نبش دواخله وفهم دوافعه.

عُرضت أفلام مصطفى الأولى في مهرجان كليرمون فيران، قبل ان "يصعد" إلى كانّ مع "عيسى". يمكن القول ان الهم الاجتماعي في جديده الذي تبلغ مدته 25 دقيقة، لا يزال حاضراً، ومحاولة الاحاطة بجوانب من المجتمع المصري تطل من الخلفية، لكن المعالجة الشكلية أضحت أكثر تفنّناً واتقاناً، اذ تنحو إلى خيارات بصرية أكثر منها كلامية. هنا، يعبر البطل شوارع مصر، وبعضها يتصاعد منها إحساس اليأس، من دون ان يحكي كثيراً. فكلّ شيء مكتوب في مساره والطريق التي يسلكها. جمال الفيلم في لحظاته الأكثر بساطةً، حيث يجتمع الأمل باليأس، أي الشيء ونقيضه.

في مهرجان كانّ، كان لـ"النهار" هذا اللقاء المصوّر مع مراد مصطفى للحديث عن "عيسى" الذي نال جائزة "السكك الذهب" التي تسندها جمعية عمّال السكك الحديد السينيفيليين في فرنسا.
 

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium