في ظلّ عودة وتيرة وفود المهاجرين على إيطاليا للارتفاع، شارك المخرج ماتيو غاروني في مهرجان البندقية السينمائي بفيلم يروي فيه تفاصيل رحلة محفوفة بالمخاطر من أفريقيا إلى أوروبا من خلال أعين شابَّين من السنغال ساذجَين لكنهما يتحلّيَان بالشجاعة.
وبعد العرض الأول لفيلم "مي كابتن"، قال غاروني لـ"رويترز": "اعتدنا في هذه الأعوام على فكرة أنهم مجرد أرقام ونسينا أن وراء هذه الأرقام هناك أناس... هناك عائلات... هناك أحلام... هناك أرواح".
وأضاف غاروني، الذي تشمل أفلامه السابقة فيلمي الجريمة "غومورا" و"دوغمان"، أنّ فكرة الفيلم "وليدة الرغبة في تغيير وجهة النظر".
يتتبّع "مي كابتن" رحلة الشابَّين السنغاليّيَن وهما يغادران منزلين فقيرين لكن يملؤهما الحب، ويتوجهان في رحلة بالصحراء الكبرى قبل أن يصلا أخيرا إلى ليبيا، وهي نقطة الانطلاق للعديد من عمليات العبور إلى أوروبا، حيث يأملان في العثور على الثروة والشهرة.
فهي رحلة محفوفة بالمخاطر، إذ اعترض طريقهما قطاع طرق في ليبيا انتزعوا منهما ثمناً باهظا قبل أن يتمكّنا من الوصول إلى الساحل. غير أنّ الرحلة الطويلة تُظهر جسارتهما وإصرارهما على التغلب على أي صدمات والمضي قُدماً.
وقال غاروني: "إنّها بالفعل رحلة ملحمية، قصة رحلة بلوغ سنّ الرشد، تبدأ بحال وتنتهي بحال آخر... صبيّ يصير رجلاً".
بعد رحلة من بحث غاروني على نجمَي الفيلم في إيطاليا وفرنسا، وجد ضالته في النهاية بالسنغال، حيث اختار ممثلَّين اثنَين غير محترفَين هما سايدو سار ومصطفى فال ليلعبا دور البطولة.
صُوِّر الفيلم بالترتيب في السنغال والمغرب ولم يكُن الممثلان يطّلعان على السيناريو إلّا عند بدء التصوير في كل يوم. وقال غاروني إنّ الغرض من ذلك أن "يعيش البطلان الرحلة بشكل فعلي، دون معرفة ما سيحدث في اليوم التالي. وأعتقد أنّ ذلك ساعدهما أيضاً".
وصل ما يقرب من 115,300 مهاجر بالقوارب منذ بداية العام الجاري إلى إيطاليا مقارنة مع 61,870 في الوقت ذاته من 2022. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أنّ 2066 شخصاً فاضت أرواحهم في البحر أثناء العبور، فيما لقي عدد غير معروف حتفهم في الصحراء أو على أيدي جماعات مسلحة ليبية حتى قبل وصولهم إلى القوارب.
وقال أحد الممثلين الشابين إنّه بالرغم من مخاطر الرحلة الواضحة، فإنّها قد تكون لا مفرّ منها.
وقال فال لـ"رويترز": "عبور البحر ليس الخيار الأفضل في الواقع، لكنك قد تضطر إلى هذه المخاطرة من أجل تحقيق أحلامك والهناء بحياة أفضل إذا رأيت إنه لا توجد فرصة للسفر بشكل قانوني".
"مي كابتن" هو ثاني فيلم يتناول موضوع الهجرة ضمن أفلام مهرجان البندقية السينمائي هذا العام بعد فيلم "غرين بوردر"، الذي يُصوِّر المآسي التي تنتظر المهاجرين عند العبور بين بولندا وروسيا البيضاء.
ويتنافس الفيلمان مع 21 فيلماً آخر على جائزة "الأسد الذهبي" التي ستُقدَّم للفيلم الفائز في نهاية المهرجان يوم السبت المقبل.