... وأورسون ويلز لم يتخطَّ سرّها الكبير الذي دمّرهما معاً، وقضى في الطريق على أجمل قصّة حبّ عرفتها هوليوود.
وهي كانت تُردّد باستمرار: "كلّ الرجال ينامون مع غيلدا ويستيقظون معي".
وابنة الراقص الإسباني "المُجرم" والمريض النفسيّ، إدواردو كانسينو لم تعرف الاستقرار النفسيّ يوماً.
وأورسون ويلز لم يُسامح نفسه لأنّه لم يتمكّن من إخراجها من الجحيم الذي عاشت فيه طوال حياتها التراجيديّة والخارجة عن السيطرة. ولأنّه هجرها ولم يُحاول إنقاذ العلاقة "المُسيّجة" بسرّها الدفين، الذي دمّرها لاحقاً بشكل كامل.
ووالدها كان يُصرّ على أن ترقص الصغيرة مارغاريتا كارمن كانسينو معه في النوادي الليليّة.
ولاحقاً، عندما كبرت، كان يُعرّف عنها على أنّها زوجته!
والصبيّة الجميلة التي كانت تترنّح بانسياب "الغزالة" العاشقة على خشبة المسارح، كانت تُعاني اضطرابات نفسيّة حادّة وانهيارات عصبيّة صامتة، بفعل استغلال والدها طفولتها الضائعة، وصباها...
ولأنّه أجبرها على أن تتحوّل عشيقته لسنوات طويلة، ما أدّى إلى تدميرها الكامل، وعلى الرغم من ظهورها أمام جمهورها لاحقاً بصورة النجمة الساحرة، والحوريّة التي أعطت أبعاداً شاهقة وأكثر نُبلاً لصفة "خرّابة البيوت" التي لازمتها في أدوارها على الشاشة الكبيرة...
وأحياناً، في حياتها اليوميّة أيضاً!
ريتا هيوارث، نجمة هوليوود التي طبعتنا في دور "غيلدا".
ريتا الراقصة التي اعترف الخالد فريد أستير في سنواته الأخيرة أنّها كانت شريكته المفضّلة في الرقص.
ريتا التي سنذكرها دائماً في أغنية "Put The Blame On Mame, Boys".
ريتا الممثلة التي أقلقت كلّ من وقف وجهاً لوجه مع قلّة ثقتها بنفسها وشياطينها الداخليّة...
وذاك السرّ الذي قضى على حياتها منذ البداية وحوّلها دمية مُنهزمة صبّ عليها الرجال في حياتها، حقدهم وذكوريّتهم...
وهي كانت تشعر بأنّها قبيحة.
ريتا، الهشّة التي أدّت إصابتها بالألزهايمر إلى تسليط الضوء للمرّة الأولى على هذا المرض الذي يسلب المرء كرامته.
و"كلّ الرجال ينامون مع غيلدا، ويستيقظون معي"!
ولقب "إلهة الحبّ" الذي رافقها في يوميّاتها.
هي التي فشلت في كلّ القصص التي عاشتها.
صراعات، جنون، نوبات غيرة، ومواجهات شرسة مع الرجال... وغلين فورد الذي قاسمها بطولة "غيلدا" (1946) كرهها. وهي كرهته. لنكتشف لاحقاً أنّها كانت على علاقة متقطّعة وسرّية معه، استمرّت زهاء 40 عاماً.
وهوليوود بدّلت في مظهرها الخارجيّ، وأجبرتها على الخضوع إلى عمليّات تجميل موجعة آنذاك، لتتحوّل "إلهة الحبّ".
وريتا هيوارث كرهت الشهرة.
وبحثت في كلّ الأماكن عن الحبّ والاستقرار.
واحتست الكحول بلا وعي.
وتصرّفت بعبثيّة مع الآخرين.
وهملت ابنتيها.
وأورسون ويلز، ذاك الوحش الكاسر الذي لا يهمّه أيّ شيء أبعد من نجوميّته، لم يتمكّن من مساعدتها أو إخراجها من الجحيم الذي عاشته بفعل ماضيها.
وإزدادت تصرّفاتها غرابة.
وفي العام 1980، أعلن الأطبّاء عن إصابتها بمرض الألزهايمر.
واتّضحت المسألة.
وصار للهستيريا التي لبستها ثوب أيّامها اسماً.
والأمير علي خان، "حطّها براسو"، وهي في ذروة شهرتها.
كان أهمّ زير نساء عرفته أوروبا. فيلمه المفضل كان "غيلدا".
و"حطّها براسو". ولم يعر زوجته الأولى أيّ اهتمام.
وفي العام 1949، سحرها وأوقعها في شباكه، وقبل الزواج بساعات، توسّلت أورسون ويلز لينقذها من هذا الساحر الذي كانت تعرف سلفاً انّه يكذب ويخفي شهيّة لم تروّضها السنوات لكلّ نساء الأرض.
ولكن ويلز قال لها بهدوء إنّه من المستحيل أن يعود إليها.
ولازمته عقدة الذنب طوال حياته، لأنّه لم يتخطَّ سرّها الدفين.
ولأنّه أراد أن يتزوج إلهة الحبّ، ليكتشف بعدها أنّه تزوّج إمرأة عاديّة، مدمّرة، سحقتها الحياة... والرجال.
الرجال؟
علي خان خانها مع عدوّتها اللدودة، النجمة جوان فونتين.
وهي كانت تفقد السيطرة على أعصابها.
ويُقال إنّ المنتج الأسطوريّ هاورد هيوز عشقها... ولكنّه كان يُصارع الوسواس القهريّ الذي منعه من إقامة علاقات عاطفيّة أو اجتماعيّة طبيعيّة.
زوجها الأول، إدوارد هادسون كان يجبرها على إقامة علاقات جنسيّة مع كبار المسؤولين في هوليوود، لتتقدّم في مهنتها فيستفيد هو، على اعتبار أنّه كان مدير أعمالها.
وزوجها المنتج جايمس هيل، كان يهينها علناً.
وذات أمسية، في مطعم ذائع الصيت في هوليوود، كان النجم شارلتون هيستون يُراقب هيل وهو يهين هيوارث التي كانت ترتجف خوفاً.
لم يستطع أن يتحمّل المشهد.
طلب من زوجته مغادرة المكان على الفور.
لاحقاً، كتب في سيرته الذاتيّة أنّه ندم طوال حياته لأنّه لم يقف إلى جانب من وصفها ويلز بـ"أطيب وأروع امرأة في العالم".
وهي وغلين فورد كانا يتشاجران باستمرار خلال تصوير الأفلام التي تقاسما البطولة فيها.
والعلاقة العاطفية المضطربة بينهما استمرّت زهاء 40 عاماً.
وهي كانت تُهمل ابنتيها، الأولى من ويلز. والثانية من خان.
وياسمينا خان، ابنتها التي رافقتها خلال مرضها الذي استمرّ 20 عاماً، اعترفت أنّها عاشت الجحيم الحقيقيّ وهي تخدم والدتها وتهتمّ بها.
... و"كلّ الرجال ينامون مع غيلدا، ويستيقظون معي"!