كانّ - هوفيك حبشيان
"المادة" للمخرجة الفرنسية كورالي فارجا، خنق المشاهدين بلقطات مقززة دموية صادمة وأثار قرفهم رغم ان كثرا لم يمتنعوا عن الضحك داخل الصالة لشدّة ما يتحوّل الرعب أمام كاميرا مخرجة "انتقام" إلى ملهاة لا مأساة. الفيلم قصّة نجمة تلفزيوينة تلعب دورها ديمي مور، وهي خمسينية لا يزال جسدها مثيراً يبعث على الرغبة، لكن ليس هذا رأي مديرها الذي يصرفها من العمل لاستبدالها بواحدة تصغرها سنّاً. ثمة مادة ستتجرعها صديقتنا ووداعاً لـ"يا ليت الشباب يعود يوماً"، لأنه سيعود بقوة ولكن بنتائج كارثية، اذ ستخرج من جسدها شابة (مارغريت كويلي)، وهذه الشابة ستُعيَّن مكانها، لتبدأ معركة وجود بين السيدتين.
نحن أمام فيلم "جانر"، نوع فيلم الثأر، وقد شاهده الكثيرون في كانّ وأياديهم على أعينهم، من كثرة الدماء والأمعاء والسوائل اللزجة التي سيفرزها جسد النجمة أثناء تحوّلها إلى مسخ، بعدما خالفت الفتاة التي "أنجبتها" أحد شروط الحفاظ على الشباب.
مارغريت كويلي في النسخة الشابة لديمي مور.
قورن الفيلم بأعمال جوليا دوكورنو، لكن هذه المقارنة تصرف النظر عن جدية أفلامها، في حين الأمر يتعلّق هنا بشيء أقرب إلى الدعابة، يعيد الاعتبار الى المرأة بعيداً من سنّها. لكن نسوية المخرجة الفاقعة، المعحبة بـ"ذبابة" كروننبرغ، لم تمنعها من ان تستعير الكثير من أفلام لسينمائيين كبار، واللائحة طويلة: هيتشكوك، كوبريك، كاربنتر وخصوصاً براين دبالما. فخاتمة الفيلم تحاكي نوعاً ما خاتمة "كاري" لدبالما. تحية أم سرقة موصوفة؟ هذا سجال كبير. الأكيد انها لا تزعج نفسها في وضع يدها على الريبيرتوار السينمائي من أجل فيلم ينظر إلى التجاوزات في معايير الجمال وعمليات التجميل بشيء من الضحك والشفقة والعنف، ولا يتوانى عن ادانة التمييز بناءً على العمر، تمييز تتعرض له النساء قبل الرجال، وفي مجالات عدة.
رغم ان البعض رأى ان الفيلم غير جدير بالمسابقة، فثمة متعة في احتكاكنا بهذا الجسد الغريب داخل الصالة، مع تنويه خاص لديمي مور في دور النجمة/ المسخ وهي تعود إلى الصدارة بعد اطلالات متواضعة لتلعب دور سيدة في الخمسين وهي تبلغ اليوم الحادية والستين، وقد صرّحت في كانّ ان التجربة جعلتها تتقبّل نفسها أكثر.
ديمي مور في مهرجان كانّ.