رأت الأديبة والكاتبة السياسيّة المصريّة الدكتورة أهداف سويف أنّ "الانهيار الذي شهدته بعض الدول العربيّة عقب الربيع العربي، يرتبط بأنظمة تلك الدول غير المرتكزة على إرادة شعوبها، والتي كانت بلغت درجة عالية من البُعد عن مصلحة شعوبها، بل جرّدت المجتمع من المفكّرين والكوادر والتنظيمات القادرة على الإمساك بالحكم"، لافتةً إلى أنّ "الفكر اليساريّ كذلك هُزم، وأثبت على مستوى العالم عجزه عن تقديم فكرةٍ جديدةٍ للالتفاف حولها". وأسفت لما آلت إليه الأوضاع في مصر، "حيث بات المواطنون يتحدّثون بغضبٍ، في حين كان حديثهم عام 2011 يقوم على الأمل والسجال، فنحن اليوم في مرحلة تأجيل الخسائر بعد أن دفعنا ثمن الغباء السياسي الذي مارسه الإخوان المسلمون".
حلّت الروائيّة المصريّة ضيفة إحدى الحلقات الحواريّة التي تنظّمها أكاديميّة لوياك للفنون – "لابا"، ضمن سياق برنامج "الجوهر" للتدريب الإعلامي، بمشاركة طلاب من الكويت ومصر ولبنان، خضعوا لدوراتٍ مكثّفة تحت إشراف الزميلة جيزال خوري.
التجاوزات كثيرة في قضية علاء عبد الفتّاح
في معرض إجابتها على المشاركة المتخصّصة في مجال الإعلام والاتصال الجماهيري ميساء شيب الدين، حول محاولة عائلة علاء عبد الفتّاح استخراج الجنسيّة البريطانيّة لتحريره من المعتقل السياسي كمواطن بريطاني، أجابت أهداف: "لنتّفق أولًا أنّه لا وجود للعدالة، إذ أنّ علاء معتقل كونه أعاد نشر تغريدة واقعية. ناهيك عن إجراءات المحاكمة وعدم الاطّلاع على ملف القضية وغيرها من التجاوزات". وقالت: "لذلك، فإنّ استخراج جنسيّة بريطانيّة له ليس خيانة على الإطلاق".
وفي سياق إجابتها على هبة نورالدين، المشاركة الحائزة على ماجستير في الإعلام والاتصال الرقمي، أسفت الأديبة سويف "للأكاذيب التي تحيط بقضيّة علاء، حيث يدّعون أنّه بصحة جيدة".
لا لزوم للعيش من دون أفكارنا
نفت المناضلة المصريّة "أيّ تحرّك سياسيّ لها في مصر قبل الثورة، غير أنّه ومع انطلاق الثورة، كان الميدان مكاننا الطبيعيّ، ومن حظّي أن عايشتُ هذه الحقبة التي أعتبرها كالمعجزة، حيث لمسنا الأمل مع صرخة الشباب، بعد 30 عامًا من الركود والتجريف والفساد".
وشدّدت الكاتبة السياسيّة على "تمسّكها بأفكارها، فلا لزوم للعيش من دون هذه الأفكار". ولدى سؤال المشارك أنطوني مخول، المحامي بالاستئناف وطالب الدكتوراه في قانون الضرائب الدولي: "هل الأخطر يكمن بمواجهة الصهاينة أم الأنظمة أم التطرّف الديني؟"، رأت سويف أنّ "المطلوب مواجهة المنهج الذي يتسبّب بكلّ هذه التحرّكات، سواء أكان لعبة أمم أم شركات البترول أم شركات الأسلحة".
التيّارات الأصوليّة تتّخذ الدين سكّةً للأدلجة
من جهتها، تطرّقت المشاركة المتخصّصة في الطب المساعد ميا مهدي، إلى نشأة أهداف وتنقّلها بين المدارس والجامعات المصريّة والإنكليزيّة. وعن انتقادها الاستعمار البريطاني لمصر وزواجها من الشاعر والأديب الإنكليزي المشهور أيان هاملتون، أجابت: "فكرة الاستعمار البريطاني كانت قد انتهت بشكلٍ مدوّ مع ثورة العام 1952، وهو كذلك لم يكن إنكليزيًّا إنّما اسكتلنديًّا. لكن الزواج لم يكن من دون إشكاليّات، فقد كنتُ مغتربة في المكان واللّغة، غير أنّني لم أشعر يومًا بأيّ تزعزع في الهويّة، ولم أشعر بعدم الاستقرار".
وفي ردّها على المشارك حسين سنا، خرّيج اختصاص العلاقات العامّة والكاتب في مجال العلاقات الدولية، رأت سويف "وجود اختلافٍ جدّي بين التيّارات الأصوليّة الإسلاميّة، غير أنّ ما يجمعها نظرتها للمرجعيّة الدينيّة، باعتبارها سكّةً للأدلجة". وفي موضوع القضية الفلسطينيّة، والبديل عن التيارات الأصوليّة في خطّ المواجهة، قالت: "طبعًا حركة "حماس" موجودة، لكن الشباب الذين يُقتلون ويُعتقلون هم الموجودون في المواجهة بشكلٍ جدّي. ومن المهمّ عدم إغفال حقيقة أنّ الصهاينة جرّفوا الحركات العلمانيّة، واتّفقوا مع الغرب، على مصلحة واضحة تقضي بتشجيع حركاتٍ قائمة على أيديولوجيّة دينيّة. وهذا يخدمهم في إظهار الصراع الفلسطيني على أنّه صراع دينيّ".
وعن روايتها "خارطة الحب" التي رُشّحت لنيل جائزة "البوكر" الأدبيّة، ومدى ارتباط عدم فوزها بتطرّقها للقضية الفلسطينيّة، قالت أهداف: "كلّ شيء فداء لفلسطين، ولم أحزن لعدم الفوز، إذ أنّ وصول الرواية إلى القائمة القصيرة، يُعدّ بحدّ ذاته فرصةً وإنجازًا".
العزلة ليست مكاني الأمثل للكتابة
وفي ردّها على المشاركة زنّوبيا ظاهر، الشاعرة الحائزة على ماجستير في الإعلام والتواصل، كشفت الروائيّة، كيف وقعت بغرام زوجها، متحدّثةً عن تعلّقها الشديد بالمكان والزمان. وعن رأيها بالمرأة الإيرانية الثائرة، وَصَفتها بـ"تلك المرأة الشجاعة جدًّا، التي كانت تنتظر هذه اللّحظة".
وأوضحت أنّ العزلة ليست المكان الأنسب لها للكتابة، حيث أنّها عندما عزلتْ نفسها أمضت شهرًا كئيبًا ولم تكتب أيّ شيء. ولفتت سويف إلى أنّها كانت بدأت منذ سنة بكتابة رواية، تقوم على فكرة انبثقت منذ 12 عامًا، وعملت على بلورة الشخصيات عام 2007، غير أنّه بعد وفاة والدتها، عجزت عن الكتابة.
وتابعت أهداف: "بعد أن عاودتُ الكتابة، جاء القرار المفاجئ بإزالة العوّامات السكنيّة عند نهر النيل، ليتمّ بذلك نسف الفكرة، حيث أنّ أحد مشاهد الرواية يقوم على فكرة العوّامة".
يُذكر أنّ برنامج "الجوهر" للتدريب الإعلامي، البرنامج الأول من نوعه في المنطقة، يُنفّذ في موسمه الثالث برعاية شركة المركز المالي الكويتي (المركز)، جريدة "الجريدة"، شركة الصناعات الهندسية الثقيلة وبناء السفن (هيسكو) وفندق فوربوينتس شيراتون. يقدّم البرنامج للشباب العربي ورش عملٍ إعلامية مكثفة على يد أبرز الإعلاميّين العرب، لتدريبهم على فنون ومهارات الحوار الإعلامي، لمحاورة ضيوف رياديّين تركوا بصمة في شتّى المجالات بالوطن العربي.