صدرت امس طبعة جديدة لكتاب البروفسور الراحل سليم عبو اليسوعيّ "بشير الجميل أو روح الشعب"، بمبادرة من إيف شويفاتي، طباعة وتوزيع دار "سائر المشرق"، وذلك بعد مرور أربعين عامًا على اغتيال رئيس الجمهورية اللبنانية الأسبق. وكانت صدرت الطبعة الأولى في العام 1984 لدى دار أنثروبوس باريس للنشر التي وافقت بترحاب على إصدار هذه الطبعة الثانية.
يتوفّر الكتاب في المكتبات في لبنان وفي نسخ ورقية وإلكترونيّة عبر أمازون في بقية أنحاء العالم، وهناك نسختان جديدتان باللغتين العربيّة والإنكليزية قيد الإعداد.
في مقدمته للطبعة الأولى لاحظ رئيس جامعة القدّيس يوسف في بيروت (USJ) من 1995 إلى 2003 البروفسور سليم عبو اليسوعيّ (1928 - 2018) والذي عُرف بخطاباته المقاومة للاحتلال السوري، أن بشير الجميل "لا يمكن إلّا أن يموت" لأنه "أصبح مزعجًا" بصفته "زعيم المقاومة" الذي "كبح طيلة ست سنوات المناورات السياسية والضغوط العسكرية لمن استُقبلوا كلاجئين على الأراضي اللبنانية وحاولوا إقامة وطن بديل". بصفته "قائدًا سياسيًا"، "تحدّث باستمرار إلى شعبه بلغة الحقيقة وندّد بلا كلّل، بعبارات بسيطة لا لبس فيها، باللعبة الساخرة للعديد من القادة الإقليميين الذين اعتقدوا أنهم ينقذون الشرف من خلال إخفاء الحقائق، وأَحلّوا الكذب محل الديبلوماسية، واعتمدوا مكر الإستراتيجية، وابتزاز التفاوض وقمع الإقناع"؛ وأخيرًا بصفته "الرئيس المنتخب" الذي "سلّط الضوء على خياراته الديموقراطية ووضع نفسه في صف العالم الحرّ منذ البداية، ووجّه ضربة قاضية، ليس فقط للأيديولوجيات التي ينادي بها مسؤولو الاستبداد والإرهاب الإقليميون، ولكن أيضًا لطموحات رعاتها الأقوياء ومحاولاتهم المتكرّرة للسيطرة على لبنان".
في رسالة مطبوعة على الغلاف الخلفي للطبعة الجديدة، اعتبر إيف شويفاتي وهو رائد أعمال لبناني مقيم في فرنسا، وخريج مدرسة سيّدة الجمهور وناشط جدًا في الدفاع عن حقوق الإنسان، أن "أربعين عامًا بعد عام اغتيال 1982، كان من الضروري إعادة طبع مؤلَّف الأب سليم عبو "بشير الجميل أو روح شعب". إنها مسألة إتاحتها لأجيال اليوم والغد. في لحظات الهلاك هذه التي يعيشها لبنان، تحتفظ حكايته وتفسيره لبشير ولفكره ومشروعه الوطني بكل نضارة موضوعه الأصلي وكلّ فضائله النموذجية والملهمة والتأسيسيّة، إذ يعكس بشير الجميل السياسي المناضل لبلاده، ورئيس الجمهورية، صورة أصيلة لمواطن نموذجي، متمرّد ورجل دولة. يقدّر اللبنانيون اليوم قيمته الحقيقية والنموذج الذي يلهمهم في خضم المأساة الحالية لتفكك الدولة اللبنانية والتناقض مع قادة لبنان الحاليين".
يذكر البروفسور سليم دكّاش اليسوعيّ الرئيس الحالي لجامعة القدّيس يوسف في مقدمته لهذه الطبعة الجديدة، أن الكتاب "يتألّف من ستة فصول. منذ ولادة الأسطورة التي ظهرت نتيجة اغتيال الرئيس، وصولًا إلى ولادة ثانية هي روح الشعب، ويستعرض الإثنين والعشرين يومًا من الفترة الرئاسية القصيرة، ويسهب في عرض تاريخ المقاومة العسكرية، وكذلك تطوير مشروع اجتماعيّ سياسيّ وثقافيّ يتوّج المقاومة".
ويضيف دكّاش: "لقد أبهرنا اهتمام سليم عبو الدقيق بربط نصه بعدد كبير من المراجع التاريخية إضافة إلى التوثيق الضخم، ما يدعم الجودة العلمية لهذه السيرة الذاتية التي تبرز من نوع السيرة الذاتية نفسها. بهذا المعنى، يصبح المُؤلَّف كتابًا مفتوحًا على زمن مأساوي، لكنه غني جدًا بالأحداث الموجهة على مسار فرض نفسه على ذاكرتنا الجماعية تحت عنوان المقاومة اللبنانية".
"إذا كان "روح شعب" هو الفصل الذي يُختتم به الكتاب، يحدّد دكّاش في مقدمته، فإننا نعزو ذلك إلى ربط العنوان باسم الرئيس والمقاوم بشير الجميل، بمفهوم فلسفي وهو أن روح الشعب التي تتجلّى كإعلان إيمان، لأن مشروع الرئيس، وتاريخه، والقضية التي حملها، وشخصيته ومكانته، وقامته، تلتحم كجسد واحد مع كامل الشعب اللبناني المتطلع إلى استعادة شرعية الدولة من خلال شخص رئيس فوق العادة".