النهار

"الدراويش" والأمل… غاليري ندين فياض وأعمال رؤوف الرفاعي في الريفييرا الفرنسيّة
هنادي الديري
المصدر: "النهار"
"الدراويش" والأمل… غاليري ندين فياض وأعمال رؤوف الرفاعي في الريفييرا الفرنسيّة
ندين فياض ورؤوف الرفاعي.
A+   A-
كرنفال الدراويش يُشعل شمعة الأمل برفق، نيابةً عنّا حتى نهاية الأسبوع في سان – جان- كاب – فيرا في الريفييرا الفرنسيّة ليُترجم حُبنا الكبير لسرد القُصص الراسخة في تُراثنا. ومُنحنيات البساطة بروعتها التي تخفي خلف هذا الصفاء الظاهري الساذج بوابات الحكمة. وعبثاً نبحث عن الوصيّ عليها. وربما لن نجده خارج إطار أعمال الفنان الكبير رؤوف الرفاعي الذي يُصوّر حضارتنا وتُراثنا من خلال "الدرويش"، هذا الشخص اللبناني البسيط الذي يطل زاهياً، مسحوراً بالحياة في فُسحة "نامونا". روعة البساطة الخالية من التزلّف والمُتجذّرة في حكايات قُرانا المُحببة. وألوان صارخة، لا تنحصر في رواق إبداعيّ واحد. ومجموعة جديدة لهذا الفنان الذي يترنّح على أنغام الإنسانيّة عنوانها: The Carnival Of Darwichs.
 
 
فليفهم المُشكّك أن ذاك الذي نُطلق عليه لقب البسيط والساذج له عوالمه الداخليّة التي لا تنعكس بالضرورة على الصفاء الظاهري الذي يُخفي بوّابات مُزخرفة بحكمة، لا نفك حبالها الداخليّة الواقية بسهولة. فكما يروي لنا الدكتور رؤوف، يُعتبر الدرويش بالنسبة للأكثرية اللبناني البسيط الذي يعيش إجمالاً في القرية ويشبه إلى حد بعيد شخصيّة "أخوت شانيه" الأسطوريّة التي خلّدها المسرحي نبيه أبو الحسن. قد يُقال عنه إنه مجنون، ولكنه في الواقع حكيم وعميق المعرفة بالأمور الحياتيّة الأساسيّة. وقد يكون الشخص المُلقّب بالدرويش يعيش العزلة ما يُجبره على خلق عالمه الخاص، بيد أنه يفهم الكثير عن الحياة وأصولها وأسرارها. لا يُفلسفها. بل يتجه نحوها متوسلاً بساطته الشهيرة.

يطل الحدث بالتعاون مع غاليري ندين فيّاض التي تعرض أعمال الرفاعي حصريّاً وترتكز على مبدأ الغاليري الواحدة المُخصّصة لأعمال فنان واحد، وبمبادرة جمعية Mon Liban D’Azur وبلدية سان – جان – كاب – فيرا.
 
 
فصل جديد في كتاب أعمال الفنان الذي يُجسّد لنا الضعف والقوّة داخل كل واحد منّا بإطار شخصيّ يشيّ بلون عالمه الداخلي. فهو بكل تأكيد مُنهمك بالإنسانيّة التي يُغذّيها بحسب ما يؤكد لنا بالقصص المأخوذة من ميراثنا العريق. الطربوش التقليدي الأحمر الذي يغمز إلى أجدادنا وعشقهم لثوب الشهامة. الشوارب المفتولة بطريقة لولبيّة مُبالغ فيها وآسرة في آن.
 
وتعابير وجه الدرويش المُتعددة وأحاسيسه غير المروّضة التي لا تعرف الخبث أو التستّر.
 
ومنذ شباط العام 2021، تُسلّط غاليري ندين فيّاض الأنيقة القائمة في التباريس على أعمال الدكتور رؤوف الرفاعي مُنطلقة من مبدأ الغاليري الواحدة للفنان الواحد وإنطلاقاً من عشق ندين فيّاض للفن الذي يهبنا بحسب ما تؤكد لنا وهم الخلود.
 

وكانت الغاليري قد نظّمت في 16 حزيران الماضي ضمن معرضها السنوي لأعمال الرفاعي، أمسية خاصة عاد 30 بالمئة من ريعها لجمعيّة Brave Heart التي تُساعد الأطفال الذين يُعانون من مرض خلقي في القلب.

أطلق على المعرض الخيري عنوان Darwich Cedar، وأضاف الرفاعي الأرزة داخل إطار اللوحات، كما انصهرت مع رموز اللوحة الأشعّة السينيّة (X-Ray) لنذكر الأطفال الذين يُعانون في المستشفيات ويحتاجون إلى الأشعّة السينيّة لتُحدّد المشكلة في قلوبهم الصغيرة.
 
 
وكانت نبضات القلب حاضرة بدورها في الأعمال على اعتبار أنها ترمز إلى دقّات قلوب الأطفال التي تعرف كيف تتعلّق بالحياة، وأيضاً لأنها تغمز إلى دقات قلوبنا المُتسارعة والتي تنضح بالحياة عندما يصطدم النظر بالأعمال الفنيّة التي تملك تلك السلطة الراعبة كما قالت لنا ندين فيّاض في بداية الحديث لتوهمنا بالخلود.


اقرأ في النهار Premium