النهار

"دفاتر لميا" على مسرح مونو: القدر الظالم في حق المرأة!
روزيت فاضل
المصدر: "النهار"
"دفاتر لميا" على مسرح مونو: القدر الظالم في حق المرأة!
الخادمة لميا وإبن شقيققها شادي (تصوير كريس غفري)
A+   A-
ترمز مسرحية "دفاتر لميا" المستمرة هذا الأسبوع من الخميس الى الأحد ضمناً على مسرح مونو، إلى فرضية يمكن أن تعيشها أيّ فتاة يافعة اليوم في هذه الأزمة الاقتصادية الخانقة ولاسيما في المناطق النائية خارج العاصمة بيروت.

يمكن أن يكون مصيرها صعباً كما حال لمياء الشخصية البطلة في المسرحية، التي يسوقها والدها من القرية إلى المدينة للعمل كمدبرة منزل في كنف عائلة ميسورة في بيروت.

الحكاية حقيقية بتفاصيلها الأساسية وهي حياة السيدة نهاد عمة مخرج العمل شادي الهبر، الذي خص غالبية أعماله المسرحية بالقضايا النسوية منها الحضانة والعنف، وهنا الظلم المحدق الذي يمارسه الأب في حق ابنته نهاد وهي بطل الأمسية باسم لميا وشقيقتها جورجيت، اللتين خضعتا لإرادة السلطة البطريركية، التي فرضت على كل منهما العمل باكراً في التدبير المنزلي.
 


السيناريو لديمتري ملكي بسيط من "حواضر" اللغة المحكية في يومياتنا مع ما يرافق ذلك من مشاعر انفعالية تحضر عندما تروي الممثلة ريما حلبي قصة لميا التي تلتقي مع ابن شقيقها جميل حلو بدور شادي بعد مماتها لتقصّ عليه الأعوام الماضية، التي قضتها في المنزل.
خرجت حلبي من الأداء المنمّط طوال المسرحية طارحة فرصة التأمل والرصد في مصير لميا مدبرة المنزل التي خانها قدرها وتحول مسار حياتها إلى سجن مؤقت فرضته ظروف الحياة، رغم المعاملة الإنسانية لربة المنزل التي تؤدي دورها مها أبو زيدان.

ريما حلبي تحاكي جمهورها وهي متّشحة بالسواد على روحها، وهو حال نساء عدة يرتدين الألوان الداكنة في محاولة لإبراز حالة نفسية كئيبة من واقع الحياة المفروضة عليهن.
تعتمد ريما حلبي في أدائها الحركات والإيماءات عند سرد قصتها لإيصال مشاعر حزينة أو فرحة ومنها عند لقائها عامل توصيل الخضار إلى باب المنزل واختفائه فجأة عن محيط سكنها تاركاً إياها في حيرة من أمرها.

تعكس تفاصيل الحكاية التراجيدية من خلال نبرة صوتها النبرة المليئة بالوضوح لتعكس من خلال لغة الجسد بدلاً من اللفظ تشابك العادات والتقاليد بين القرية والمدينة.
 
 
جاء الشاب جميل الحلو، إبن شقيق المرحومة لميا بعد موتها بسبب المرض، لجمع أغراض عمته ودفاترها، وهي محاولة لتعلّم كتابة اسمها، كان بارداً في تعاطيه مع مشكلات عمته، التي حكتها في غرفة نومها بعد مماتها.

عكس في أدائه التباعد الاجتماعي الذي يفرض نفسه مع الأقارب، عند غياب أي روابط عائلية بين الفرد والآخر أو تغييب المصلحة بين أفراد العائلة الواحدة.

ينتابك شعور أن برودة شادي كانت في بعض الأحيان تحتاج إلى تعابير انفعالية أكثر مما كانت عليه عند حديث تفاصيل نزول عمته ممسكة يد والدها إلى بيروت متوجهة إلى بيت مخدوميها.
لكن المبرر الحقيقي أن هذه البرودة تعود إلى غياب أي رابط بين إبن الأخ وعمته، ما جعل أخبار عمته مجرد تراكم معلومات لشاب يتعرف على عمته اليوم.

أما أنطوانيت الحلو، التي قامت بدور الخادمة، فقد أدت بإطلالات محدودة جداً دورها كما يجب من دون زيادة أو نقصان. يذكر أخيراً أن ديكور المسرحية بسيط لأنه يعكس البيئة الحاضنة لمدبرة منزل وهذا أمر طبيعي. كما أنه يعطي فكرة واضحة لنمط عمل مسرح "شغل البيت"، الذي يعتمد على نقل واقع بسيط وغير مكلف، وهو دليل على الموازنة البسيطة والمتواضعة المرصودة لأي عمل مسرحي الممول أصلاً من رسوم ورش تدريبية فردية وجماعية لممثلين يرغبون في دخول عالم "مسرح شغل البيت"...

[email protected]
Twitter:@rosettefadel


الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium