اذا كانت بيروت استعادت اول من امس بعض البريق بحفل انتخاب ملكة جمال لبنان، فان عودة مسرح قصر البيكاديللي الى الحياة بعد 28 عاما، يؤكد عودة الروح الى شارع الحمرا، والى بيروت ككل، خصوصا ان الاعلان عن اعادة ترميمه يأتي قبل ايام قليلة من ذكرى انفجار المرفأ الذي هدم اجزاء من العاصمة ودمر بعضا من البشر والحجر معاً.
امس زار وزير الثقافة محمد وسام المرتضى، "قصر البيكاديللي" في الحمرا، يرافقه المهندس جان مانغي ومدير مؤسسة "كفالات" خاطر بوحبيب، للبحث في مشروع إعادة ترميم هذا المعلم العريق. وبعد جولة، اعلن المرتضى ان هويتنا الثقافية لن تهدم،ومن يسعى لهدمها سيرتد على اعقابه بالفشل لان العزيمة منعقدة لحفظ معالمنا الثقافية واسترجاع ما هو حق لنا .
واضاف: ونحن في هذا المعلم الثقافي يحضرني مطلع قصيدة الشاعر امرؤ القيس "قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل" وكأنه كتب علينا ان نأتي الى هذا المكان لكي نستحضر تاريخنا الثقافي البهي، اتينا للوقوف على خاطر هذا المسرح الذي يسكنه الصمت الرهيب وكانه ينادي باعلى الصوت "لا تتركوني هكذا اعيدوا لي روحي الثقافية ".
وأضاف المرتضى :" لا يمكننا ونحن في رحاب هذا المسرح الا وان نتذكر اهم الفعاليات الثقافية المحلية والعالمية التي استضافها، فضلا عن تميزه بافضل الالات والمعدات التي اهلته لاستقبال الفعاليات الثقافية العالمية كما اخبرني المهندس مانغي الذي يعتبر من الخبراء العالميين في الهندسة الداخلية ."
واشار وزير الثقافة الى ان المنتج صادق الصباح اعرب عن رغبته المساهمة في اعادة ترميم مسرح قصر البيكاديللي والفكرة قيد الدرس ونأمل ان تكون كل الامور على ما يرام باعتبار ان الخطوة الأولى وضعت على السكة الصحيحة لاعادة ترميم وتأهيل مسرح قصر البيكاديللي "
وأستطرد المرتضى:"قد نسمع من يرفع الصوت ليقول ان لبنان حاليًا في حصار وضائقة معيشية وازمة نقدية ومالية كبرى وهل ممكن تحقيق ذلك ,الجواب هو التالي: ان ازمة لبنان الأساسية لا بل ان الهدف الأساسي الذي يسعى اليه عدونا هو هدم هويتنا الثقافية والتي لن تهدم لاننا سنحافظ عليها بكل ما اوتينا من عزم وارادة وسنحفظ كل معلم ثقافي لنا حق فيه واعادة الحراك الثقافي الى كل معلم وفق الامكانيات المتوفرة الا انه كما ذكرت طالما النية طيبة والعزيمة منعقدة سنجد ان الامور تسير نحو الافضل ولنا تجربة في وزارة الثقافة حيث أنتقلنا الى قصر الاونيسكو وهو بحالة يرثى لها الا ان الإرادة والنيات الطيبة بثت الروح الثقافية في ارجاء قصر الاونيسكو الذي اصبح مقرا رسميا لوزارة الثقافة وذلك دون اي تكلفة لا بل كل ما تم انجازه كما يقال "باللحم الحي"
وكان المنتج صادق الصباح فاجأ الحضور قبل ايام خلال اجتماع في وزارة الثقافة، بإبداء استعداده لترميم وتأهيل مسرح قصر البيكاديللي في بيروت، وعن نيته تجهيز مسرح في إحدى القاعتين الجانبيتين في قصر الأونيسكو.
وتستعد شركة الصباح لتصوير أحد أضخم مسلسلاتها المقبلة على مسرح البيكاديللي مباشرة بعد انتهاء مرحلة ترميمه.
ومن المعروف أن مسرح البيكاديللي شهد مرحلة ذهبية تُرجمت بعرض أهم المسرحيات منها للأخوين الرحباني عام 1967 حيث تمّ تقديم مسرحية "هالة والملك"، ثم "الشخص"، و"يعيش يعيش"، و"صح النوم"، و"ناس من ورق"، و"ميس الريم" وغيرها.
كما قدّمت النجمة الشهيرة داليدا أهم حفلة فنية على هذا المسرح، وكذلك الفنان المصري عادل أمام والموسيقار ملحم بركات وفرقة عبد الحليم كركلا وغيرهم من الأسماء اللامعة، قبل أن يتوقف نشاط هذا المسرح خلال الحرب ويتعرّض عام 2000 لحريق أطفأ أنواره.